أحكام عامة
وتدفعه حماسته أحياناً إلى إرسال أحكام كبيرة لا نستطيع اليوم أن نستوثق من صحتها، كقوله في شعر الفرزدق: " وإن أحببت أن تروي من قصار القصائد شعراً لم يسمع بمثله، فالنمس ذلك في قصار قصائد الفرزدق، فإنك لم تر شاعراً قط يجمع التجويد في القصار والطوال غيره " (?) ؛ وليست كذلك تخطئة الكميت في مدحه للرسول (?) فإن سمو الرمز الكبير فوق مستوى الممدوحين العاديين الذين قد يقال فيهم مثل:
لج بتفضيلك اللسان ولو ... أكثر فيك الضجاج واللجب أنت المصفى المحض المهذب في النسبة إن نص قومك النسب ... يجعل مثل هذا المدح مقصراً في نظرنا اليوم إذا توجه به الشاعر إلى الرسول الكريم، كما كان مقصراً في نظر الجاحظ.
هل تأثر الجاحظ بالثقافة اليونانية
ولا نختم هذه الفقرة عن الجاحظ الناقد قبل أن نقف عند نص غامض في كتاب الحيوان جاء عن الشعر أنه " إن هو حول تهافت، ونفعه مقصور على أهله، وهو يعد من الأدب المقصور وليس بالمبسوط، ومن المنافع الاصطلاحية وليست (منفعته) (?) بحقيقة بينة " (?) . ومن أجل أن نفك على لسان أصحاب الكتب المترجمة عن اليونانية وكيف يقع فيها الخطأ والفساد، ثم يظل الناس يقبلون عليها، ويثير سؤالاً على لسان فريق آخر يحاورهم قائلاً: " فكيف تكون هذه الكتب أنفع لأهلها من الشعر