التأهب للنظم
فإذا أراد الشاعر أن ينظم قصيدة كان عليه أن يتخير الوقت والحالة النفسية - متبعاً في ذلك ما جاء في وصية أبي تمام للبحتري (?) - ومن ثم يستحضر في خياله المعاني ثم يقسمها في فصول مرتبة، مختاراً الوزن الملائم، والعبارات، ويجب أن يتجنب الشاعر الحالات النفسية التي تعوق دون النظم كالكسل في الخاطر أو التشتت فيه أو استيلاء السهو عليه أو تكلفه لمواد العبارات (لأنها قليلة) ، وأن يحاذر وهو يصوغ شعره من أن يكون قدر الوزن فوق قدر المعنى أو العكس، أو يكون المعنى دقيقاً داعياً إلى إيراد عبارة عنه على صورة يقل ورودها عفواً، أو يكون المعنى من المعاني التي يقل عنها التعبير في اللغة، فالخاطر يكد كثيراً لإيرادها موزونة (?) .
الشعراء قسمان في عملية النظم
والشعراء في عملية النظم اثنان: (?) شاعر مرو يحتاج الروية قبل ان ينظم وحال النظم وعند الفراغ، وبعد الفراغ من النظم، وهذا يعني انه يعتمد على قوة التخيل والقوة الناظمة وقوة الملاحظة وقوة الاستقصاء. وقد تصيب الروية تغييراً في المعنى أو تغييراً في العبارة " طلباً للغاية القصوى من الإبداع " (?) شاعر مرتجل، وأحسن حالاته حين يجيء بقول مستقصى تقارنت فيه المعاني، وأسوأ حالاته أن يكون قوله غير مستقصى ولا مقترن (?) .
أما العبارة في النظم فيجب أن يراعي الشاعر فيها حسن التأليف وتلاؤمه (في الحروف والكلمات) والتسهل في العبارات وترك التكلف، ومراعاة حسن الوضع (في تقارب الألفاظ وتطالبها) ومجانية الزيادة والحشو، ومن ثم اختيار العبارات المستعذبة الجزلة.