أغراض الشعر
وبعد ان استعرض حازم موقف النقاد السابقين في قسمة الشعر إلى أغراض (?) عاد يطلب مبدأ الوحدة الذي طلبه قدامة حين جعل أغراض الشعر نابعة من منبع واحد أخلاقي هو الفضيلة (وما يناقضها) وإنها ترتسم في صورة واحدة هي المدح (وما يناقضه) ؛ ولكنه اختار طريقاً جديدة لإبراز هذه الوحدة فقال: " عن الأقاويل الشعرية لما كان القصد بها استجلاب المنافع واستدفاع المضار، ببسطها النفوس إلى ما يراد من ذلك، وقبضها عما (لا) يراد، بما يخيل لها فيه من خير أو شر، وكانت الأشياء التي يرى إنها خيرات أو شرور منها ما حصل ومنها ما لم يحصل، وكان حصول ما من شأنه أن يطلب يسمى ظفراً، وفوته في مظنة الحصول يسمى إخفاقاً، وكان حصول ما من شأنه أن يهرب عنه يسمى أذاه أو رزءاً، وكفايته في مظنة الحصول تسمى نجاة، سمي القول في الظفر والنجاة تهنئة، وسمي القول بالإخفاق إن قصد تسلية النفس عنه تأسياً وإن قصد تحسرها تأسفاً، وسمي القول في الرزء ان قصد استدعاء الجلد على ذلك تعزية، وإن قصد استدعاء الجزع من ذلك سمي تفجيعاً، فإن كان المظفور به على يدي قاصد للنفع جوزي على ذلك بالذكر الجميل وسمي ذلك مديحاً، وإن كان الضار على يدي قاصد لذلك فادى ذلك إلى ذكر قبيح سمي ذلك هجاء، وإذا كان الرزء يفقد شيء فندب ذلك الشيء سمي ذلك رثاء؛ ولما كانت المنافع كأنها تنقسم إلى ما يكون بالنسبة والملاءمة مثل ما يوجد من مناسبة بعض الصور لبعض النفوس فيحصل لها بمشاهدة تلك الصور المناسبة لها نعيم وابتهاج؟. وغلى ما يكون بالفعل والاعتماد مثل ما يعتمده الإنسان من إسعاف آخر بطلبته فيكون في إسعافه بها منفعة له، وإلى ما يكون منفعة بالقوة والمال أو بتشفي النفس فقط مثل ما تحل مضرة بعدو إنسان؟.. اقتضى ذلك انقسام الذكر الجميل إلى ما يتعلق من المنافع بالأشياء المناسبة لهوى النفس وسمي