والمنطق بحماسة تشبه حماسته المذهبية؛ وأما ابن شهيد فإنه لا يطبق فراق معشوقته العجوز (قرطبة) مقبلاً على لذاته الدنيوية، خائضاً غمرة الصراع الادبي، قانعاً من المعرفة بأطراف يسيرة، مؤمناً أن الاطلاع الواسع ربما خدد وجه القريحة الطبيعية.
ابن شهيد وصلته بالنقد
وابن شهيد أقرب إلى عالم النقد من صاحبه لان إعجابه الذاتي بنفسه وضعه موضع التفرد - في نظر نفسه - إزاء الآخرين، فاحب أن يثبت تفوقه، وكان إعجابه بذاته قد وضعه موضع من ينظر إلى اللغويين من عل، وكانت الخصومة بينه وبينهم تدور حول دعاواهم بأنهم يستطيعون تعليم البيان، فأحب أن يثبت لهم بعد ما بين الموهبة والاكتساب. ولهذا كان العامل الموجه في مذهبه النقدي هو إيمانه بطريقته في الشعر والنثر؛ ومن خلال هذا الأيمان كان يقيس شعر غيره من الشعراء.
مؤلفاته التي يمكن أن تتوفر فيها أحكام نقدية
ومن مؤلفاته ذات الطابع النقدي: كتاب حانوت عطار، ورسالة التوابع والزوابع، ورسائل متفرقة تحدث فيها عن البيان.
فأما الكتاب الأول فإنه لم يصلنا ولكن الحميدي نقل عنه في " جذوة المقتبس "، وتدل نقوله على أن الكتاب تراجم لشعراء الأندلس، فهو سابق لكتاب " الأنموذج " في هذا المضمار، وفيه أحكام نقدية عامة ونماذج مما اختاره بحسب تلك الأحكام؛ فمن ذلك قوله في ابن دراج: " والفرق بين أبي عمر وغيره أن أبا عمر مطبوع النظام شديد أسر الكلام، ثم زاد بما في أشعاره ومن الدليل على المعلم بالخبر واللغة والنسب وما تراه من حوكة للكلام وملكه لأحرار الألفاظ، وسعة صدره وجيشه بحره، وصحة مقدرته على البديع، وطول طلقه في الوصف، وبغيته للمعنى وترديده، وتلاعبه به