فذاك يوشك ان يكون القصيدة منه كالبيت. والبيت كالكلمة تسالماً لأجزائه وتقارناً. وألا يكون كما قيل فيه:
وشعر كبعر الكبش فرق بينه ... لسان دعي في القريض دخيل وكما قال خلف:
وبعض قريض الشعر أولاد علة ... يكد لسان الناطق المتحفظ وكما قال رؤبة لابنه عقبة وقد عرض عليه شيئاً مما قاله، فقال:
قد قلت لو كان له قران ... وغنما قلنا " على تخير من لذيذ الوزن " لأن لذيذة يطرب الطبع لإيقاعه، ويمازجه بصفاته، كما يطرب الفهم لصواب تركيبه، واعتدال نظومه. ولذلك قال حسام:
تغن في كل شعر أنت قائله ... عن الغناء لهذا الشعر مضمار وعيار الاستعارة الذهن والفطنة، وملاك الأمر تقريب التشبيه في الأصل حتى يتناسب المشبه والمشبه به، ثم يكتفى فيه بالاسم المستعار لأنه المنقول عما كان له في الوضع إلى المستعار له.
وعيار مشاكلة اللفظ للمعنى وشدة اقتضائهما للقافية، طول الدربة ودوام المدارسة، فإذا حكما بحسن التباس بعضها ببعض، لا جفاء في خلالها ولا نبو، ولا زيادة فيها ولا قصور، وكان اللفظ مقسوماً على رتب المعاني: قد جعل الأخص للأخص، والاخس للاخس، فهو البرئ من العيب. وأما القافية فيجب أن تكون كالموعود المنتظر، يتشوفها المعنى بحقه واللفظ بقسطه، وإلا كانت قلقلة في مقرها، مجتلبة لمستغن عنها ".