مزيد من تحريه في سبيل فهم شعر المتنبي
ويعييه قول المتنبي " أمط عنك تشبيهي بما وكأنه " ولا يجد تفسيراً للتشبيه بما، فيورد ما قاله ابن جني نقلاً عن المتنبي ثم يورد ما حكاه الجرجاني نفسه نقلاً عن المتنبي فيجد النقلين متضاربين " فهذا قاض من قضاة المسلمين يحكي هذه الحكاية عن أبي الطيب، فأي الحكايتين نجعلها الصحيحة وننفي أختها " ثم لا يجد له من ملجأ سوى أستاذه أبي العلاء فيقول له أبو العلاء إنها ما التي تصحب كان إذا قلت كأنما زيد الأسد " وما عندي أن أبا الطيب أراد غيرها والله تعالى اعلم بالغيب " (?) وهذا التحري الشديد يدل على دقة علمية مثلما يلمح إلى حرص ابن فورجة ليجد تفسيراً لبعض ما انتقده العلماء على المتنبي.
نموذج من رده على الصاحب ابن عباد
ولا ريب في أن هذا الحرص نفسه هو الذي جعله يتعقب الصاحب بن عباد بشده حتى قال في رسالته: " قد ارتكب فيها شيئاً من المزح عجباً، ليس من طريقة العلم ولا مما أفاد غير خيلاء الوزارة وبذخ الولاية، ولعمري إنه لو لم يرد عنه هذا الكتاب لكان، اجمل بمثله أو كان لم يتعد فيه التهزؤ افارغ والكلام اللغو حتى أنه لو ما يكاد ينتقص شيئاً من الأبيات التي نقمها على أبي الطيب بما يفيد معرفة، مخطئاً فيه أو مصيباً، إلا مواضيع يسيرة كأنها عثار منه بالجد لا عمد، فخلط فيها ودل على انه لم يفهم ما رده ولم يحط علماً بما كرهه، وهذه الرسالة عملها في صباه، والنزق حداه على إظهارها وما أجدر مريد الخير له بكتمانها عليه " (?) ؛ وإليك نماذج من مناقشة ابن فورجة لرسالة الصاحب:
1 - قال الصاحب: ومن أساليبه العجيبة في التسلية عن المصيبة قوله:
لا يحزن الله الأمير فإنني ... لآخذ من حالاته بنصيب