ولذا نجده يهتز طرباً لقول المتنبي:

ألف هذا الهواء أوقع في الأنفس أن الحمام مر المذاق

فيقول: " هذا البيت والذي بعده يفضلان كتاباً من كتب الفلاسفة لأنهما عيار في الصدق وحسن النظام ولو لم يقل شاعر سواهما لكان له فيهما جمال وشرف " (?) .

وهذا كله يدل على أن المعري والشراح الآخرين كانوا يتناولون الشعر، كل حسب ميله ونزعته؛ فإذا قلنا إن المعري ميال إلى التفلسف مؤمن بالحبر سيئ الظن بالناس. فلابد ان تنعكس هذه الخصائص في رحه، مثلما تتجلى فيه مقدرته اللغوية والنحوية والعروضية. ولا نعدم أن نجد في أثناء هذا كله موقفاً نقدياً ضمنياً أو صريحاً، إلا انه يتعلق ببيت دون بيت وفكرة دون فكرة. فأما إيمان المعري بان أحداً لا يستطيع أن يغير لفظة في شعر أبي الطيب بلفظة أخرى خير منها. فذلك يدل على موقف نقدي كلي. يبلغ بكلام المتنبي حداً من حدود الإعجاز.

ابن فورجة محمد بن حمد البروجردي (- حوالي 455)

جمهوره في شعر المتنبي ومصادره

كان تلميذاً لأبي العلاء وقد أفاد من آرائه وتوجيهاته في دراسته عامة وفي دراسة شعر المتنبي خاصة؛ وقد قرا ديوان المتنبي تصحيحاً ورواية بالعراق على العلماء عدة ورواة ذات كثرة (?) ؛ ووقعت إليه من الديوان نسخ غير واحدة شاميات (?) . مكنته من تحقيق الرواية للديوان؛ واطل على الفسر لأبي الفتح ابن جني فكتب حوله كتابين هما " التجني على ابن جني "؛

طور بواسطة نورين ميديا © 2015