قضي النقد الأدبي العربي مدة طويلة من الزمن، وهو يدور في مجال الأنطباعية الخالصة، والأحكام الجزئية التي تعتمد المفاضلة بين بيت وبيت أو تمييز البيت المفرد أو إرسال حكم عام في الترجيح بين شاعر وشاعر، إلى أن أصبح درس الشعر في أواخر القرن الثاني الهجري جزءاً من جهد علماء اللغة والنحو، فتبلورت لديهم قواعد أولية في النقد بعضها ضمني وبعضها صريح، ولكنها كانت في أكثرها ميراث القرون السابقة:
مبدأ اللياقة
وفي طليعة تلك القواعد اعتماد النقد مبدأ اللياقة؛ فالشماخ معيب حين يقول مخاطباً ناقته:
إذا بلغتني وحملت رحلي ... عرابة فاشرقي بدم الوتين لان قوله " أشرقي بدم الوتين " أسوأ مكافأة لها على ما قدمته له من معروف. وطرفة مقصر عن أصول اللياقة المتعارفة في قوله:
فإذا ما شربوها وانتشوا ... وهبوا كل أمون وطمر لأن الكرم عند السكر وحده لا يعد كرماً أصيلاً، وقس على ذلك كثيراً ن أمثلة هذا النقد، التي لا تعد نقداً للشعر نفسه وإنما تلمح العلاقة بين الشعر وبين المواضعات الاجتماعية والأخلاقية.