النقد الأدبي في القرن الخامس
طريق الشعر في القرن الخامس
حين شبه ابن وكيع الشاعر الذي يتطلبه العصر (أواخر القرن الرابع) بالمطرب ذي الصوت الجميل دون الحجة به إلى معرفة الألحان، وعلل ذلك بزهد الناس في الأدب " في هذا العصر "، كان يشير إلى حقيقتين: إحداهما أن التيار الذي يراد للشعر أن يسير فيه - عن شاء أن يجد قبولاً - هو المضي في طريق السهولة والسطحية والعفوية والملاحة الموسيقية ومباشرة الموضوعات القريبة إلى النفوس والافهام، والثانية أن الذوق الأدبي في أواخر القرن الرابع كان يعاني أزمة تحول، وان هذه الأزمة ستشتد في القرن الخامس؛ ولن تكون هذه الأزمة في معظمها حول هذا الشاعر أو ذاك بل ستكون حول مجموع الخصائص التي تمثل حقيقة الشعر.
لماذا خلق المتنبي أزمة في الشعر والنقد
وكان المتنبي نفسه هو سر تلك الأزمة: فقد كان المنتظر حسب طبيعة الأشياء أن يكون شعراء القرن الرابع - أو المتميزون منهم - (بالإضافة إلى من قبلهم من شعراء العصور السابقة) هم محور النقد الذي سيدور في القرن الخامس؛ ولكن حقيقة النقد في هذا القرن تشير إلى ان ذلك الحشد الكبير الذي جمعه الثعالبي في اليتيمة لم ينل من النقاد إلا إشارات عابرة، تصلح أحياناً للتمثيل أو المقارنة السريعة، ولكن لم يصب أحداً منهم دراسة، ولا قامت أية موازنة بين اثنين منهم، ولا استكشف لهم شيء من المحاسن؛