الشعر، فائقه ومقصره، وأطلعتك على سرائر رذله ومتخيره، لتفاضل بين الشعر الأصيل وتنطق بعدل " (?) . ومن الطريف أن نجد أبن وكيع يتعلق هنا بتحديد أبن أبي عون لأقسام الشعر " أما أقسام الشعر فهي أما مثل سائر أو تشبيه باهر أو استعارة لفظها فاخر " (?) ، فإذا تجاوزنا هذه اللفتة وجدنا فصله عن البديع مستمداً من ثلاثة مصادر: كتاب البديع لأبن المعتز وكتاب نقد الشعر لقدامة، فهو يورد أولاً مصطلحات أبن المعتز ثم يشفعها بما جاء به قدامة ويخلط ذلك بنقل عن مصدر ثالث لا يسميه وإنما يقول " ذكر ذلك بعض المحدثين " - والمعني هنا هو الحاتمي وكتابه " حلية المحاضرة " إذ ينقل في هذا الموطن قصة الأخفش حول مصطلح المطابقة، وهي ما أشرنا إليه فيما سبق؛ ولا يعجبه المصطلح أحياناً فيحاول أن يبتكر مرادفاً له، فلفظ التسهيم في نظره غير دال، ولذا فهو يسميه " المطمع " (?) وينتقد " التتبيع " ويقول أنه أدخل في باب الإشارة، ويورد الاستثناء ثم يعلق على ذلك بأن أبن المعتز سماه تأكيد المدح بما يشبه الذم (?) .

صلته بالحاتمي رغم تجاهله له وموقفه من قضية الكذب في الشعر

ولا ندري لم لا يصرح بذكر الحاتمي في كتابه، فإن صورة الحاتمي واضحة في " المنصف "؛ فقد ضلله الحاتمي بمفهوم " الاستعارة " عند ارسطو حين جعلها تعني " الأخذ " (?) لا الفن التصويري، كما أن كثيراً من تعريفاته للفنون البديعية منقول عنه، وكشفه عن المعاني المسروقة في شعر أبي الطيب يلتقي فيه، في كثير من الأمثلة، مع الحاتمي. بل أن تقسيماته لضروب السرقة ينظر إلى ما صنعه الحاتمي، مما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015