خير من المبالغة، ولو قال الشاعر " أنت أم سالم " لما حل قوله من القلوب محل التشكك (?) .
3 - إيراد ألفاظ الصوفية وألفاظ الطب والفلسفة والكلام يشين الشعر ويعيبه في رأي نقاد الشعر، وإنما دخل هذا العيب إلى شعر المتنبي من انه صحب الصوفية بالشام، وأغلاهم طائفة يقال لهم أهل عين الجمع وهم يرون أن الحركات على اختلافها في الحواس حركة واحدة، وإنما تختلف على قدر الآلة التي تظهر منها الحركة، والفيل عندهم والنملة حركتهما واحدة من الأصل ثم يرمون مرمى لا تجوز حكايته، وكان المتنبي اغرق في قولهم فصحبته ألفاظهم بعد فراقهم، وهو عيب في صناعة الشعر (?) .
4 - فرض مواد البادية على عالم حضري غير مستساغ، كالحديث عن الجفان (وعندهم الجفان مكللات) ، فقد ترك شعراء المحدثين هذه الأمور لان ذلك يدل على الجفاء، وكذلك ذكر الطعام، ولكن المتنبي كان يحاول أن يكون بدوياً بين أهل الحاضرة حتى في زيه، وقد عرفه بعض أهل الشام يوم كان في قباء كرابيس وعمامة زرقاء خشنة وزربولين في رجليه متنكباً قوساً عربية وكان يكثر ذكر هذا، ويستعمل التصغير والألفاظ البدوية، وذلك وضع للشيء في غير موضعه (?) .
5 - لا يجوز لشاعر يعرف أقدار الناس أن يمدح الملوك بمدح السوق والسوق بمدح الملوك ويحيل في المعاني ويخطئ في اللغة، ويستبيح لنفسه سرقة معاني الآخرين " حتى لا تكاد تسمع له بيتاً إلا وهو مأخوذ من موضع مشهور " (?) ؛ أما ما عده ابن جني جسارة في ذكر جنون فاتك أو سواد