القدرة في دراسة السرقات؛ ولكنها رسالة موسومة بالانفعال في أكثر مراحلها، ودواعي التحامل فيها مفضوحة، غير إنها كانت الأساس الأول الذي وضع أبيات المتنبي المعيبة أمام أنظار النقاد الآخرين، فكان كثير مما استخرجوه من الأبيات المستهجنة لدى المتنبي هو ما استخرجه الحاتمي. عن هذا لا يدل على وحدة في الذوق العام لدى نقاد القرن الرابع بمقدار ما يدل على وحدة في ذوق الناقمين على المتنبي. وستكون حجج المؤيدين له منتزعة من الحجج التي وضعها الحاتمي على لسانه، كما ان شواهد خصومه هي الشواهد التي استخرجها الحاتمي من شعره، هذا رغم إحساس الفريقين؟ كما أحس الحاتمي نفسه - أن أفنان المتنبي في الشعر " كانت رطبة ومجانيه عذبة " (?) .
أبو العباس النامي (- 371 أو 399) والصاحب بن عباد (- 385)
رسالة للنامي في عيوب المتنبي
قبل أن يفد المتنبي على بلاط سيف الدولة كان أبو العباس أحمد بن محمد الدارمي المصيصي المعروف بالنامي هو شاعره المقدم (?) ، فلما استأثر المتنبي بالمقام الأول اغتاظ النامي حتى قيل إنه عاتب سيف الدولة في ذلك، ولذا فليس بغريب أن يكتب في المتنبي رسالة يتعقب فيها أخطاءه، وهي رسالة لم تشر إليها المصادر، ولولا ابن وكيع لما عرفنا خبرها، فإنه يشير إليها وينقل عنها في مواضع من كتابه " المنصف " وهذه النقول هي التي جعلتنا نتصور أنها في تبيان مساوئ المتنبي، فهو يقف مثلاً عند قول المتنبي:
إني على شغفي بما في خمرها ... لاعف عما في سراويلاتها