صحت الإطالة. واقفاً عند الكفاية. وكان اللبس ماموناً، وشمائل القول حلوة. والقدرة على التصرف عاضدة، والطبع الذي هو دعامة المنطق شريفاً، والفصول ملتحمة. والفضول محذوفة والفصول مقسومة، وموارد الكلام عذبة ومصادره؟ خارجة عن الشركة، نقية من تكلف الصنعة، فتلك هي البلاغة وهنالك انتظام شمل الإبانة " (?) .
مبدأ التناسب في الشعر وصورة الجسد
وهو يتابع ابن طباطبا في أن القصيدة يجب أن تكون في تناسب صدورها وأعجازها وانتظام نسيبها بمديحها كالرسالة البليغة. غير أنه لا يفيض إفاضته في هذا الربط بين القصيدة والرسالة. إلا أنه بنفذ من ذلك إلى تصور عجيب لا نجده من سبقه من النقاد، وهو أول تصور من نوعه لوحدة قد تعد عضوية: " فإن القصيدة مثلها خلق الإنسان في اتصال بعض أعضائه ببعض، فمتى انفصل واحد عن الآخر أو باينه في صحة التركيب غادر بالجسم عاهة تتحيف (?) محاسنه وتعفي معالم جلاله " (?) ، إلا أنها وحدة عضوية لا تؤدي معنى النمو، وإنما تؤدي معنى التكامل والاعتدال والانسجام، ومن الطريف أن الحاتمي إنما يهتدي إلى هذه الصورة لينادي بوحدة المختلفة لا إلى اشتراكها في طبيعة واحدة، وهو يميز المحدثين بهذه الميزة لأنهم يحسنون الربط الصناعي بين أجزاء القصيدة، ومرة أخرى تتعثر فكرة الوحدة عند النقاد القدماء، وتقتصر على التناسب الخارجي.