تامة مستقيمة كما بنيت، لم يضطر الأمر في الوزن إلى نقضها عن البنية بالزيادة عليها والنقصان منها، وهذا يرجع إلى صناعتي المنطق والنحو، وعيب ائتلاف اللفظ والوزن: الحشو والتثليم والتذنيب والتغيير والتفصيل.
5 - وائتلاف القافية مع المعنى أن تكون متعلقة بما تقدمها تعلق ملاءمة ونظم، بالتوشيح أو الإيغال، وعيبها في هذا الصدد أن تكون مستدعاة متكلفة يتعمد فيها السجع دون فائدة للمعنى.
ولكن الصعوبة تجيء من المعنى؛ وهذا هو الباب الذي يشغل الجزء الأكبر من كتاب قدامة، إذ ما دام المنطق هو الأساس المعتمد فلابد من حصر المعاني (على قدر الإمكان) ثم حصر الصفات الموجبة والسالبة التي قد تلحقها. ولهذا يحدد قدامة المعاني بستة أنواع - كل منها ذو حدين: جيد ورديء، ولها سبع صفات: كل صفة موجبة ونقيضتها، وأنواع المعاني تقع في الأغراب الآتية: المديح - الهجاء - المراثي - التشبيه - الوصف - النسيب، ولكل غرض حسنات في المعاني وعيوب، ويكفي أن يقال إن العيوب نقض للحسنات. وتتوفر في المعاني الجيدة الصفات الآتية: صحة التقسيم - صحة المقابلات - صحة التفسير - التتميم - المبالغة - التكافؤ - الالتفات، وأضدادها المعيبة هي: فساد التقسيم - فساد المقابلات - فساد التفسير - الاستحالة والتناقض - إيقاع الممتنع - مخالفة العرف - نسبة الشيء إلى ما ليس له.
هذه حال المعاني في وضعها البسيط، فإذا تركبت مع اللفظ كان ائتلافها يقتضي أن تتوفر المساواة والإشارة والإرداف والتمثيل والمطابقة والمجانسة ويقابل هذه الحسنات عيبان: الإخلال (النقص الذي يفسد المعنى) والزيادة التي تفسد المعنى، فإذا ائتلفت المعاني مع الوزن توفر: التمام والاستيفاء والصحة، وإذا أختل ذلك الائتلاف نتج عن ذلك القلب والبتر.