فأنكر استعمال " إلا " ورأى إن وجه الكلام أن يقول الشاعر: " دار أجل الهوى عن أن ألم بها وليس عيني من منائحها "، ومن اجل أن يتأكد إن الرواية صحيحة عاد إلى أصل معتمد، قال: " وقد كنت أظن إن أبا تمام على هذا نظم الشعر، وإن غلطاً وقع في نقل البيت، حتى رجعت إلى النسخة العتيقة التي لم تقع في يد الصولي وأضرابه فوجدت البيت في غير نسخة مثبتاً على هذا الخطأ " (?) . ومثل هذا التحري من أهم واجبات الناقد الذي يتعقب الشعر بالقراءة، ولكنه في ثنايا ذلك يفصح عن قلة ثقته بالصولي (وأضرابه) ممن صنعوا ديوان أبي تمام، وينسب إليهم بعض ما وقع في رواياته من خطا، وقد اعتمد الآمدي من ديوان أبي تمام على عدة نسخ منها نسخة أبي سعيد السكري وأبي العلاء محمد بن العلاء (?) .
على إن الآمدي لا يخلو في تدقيقه من التحكم، فلفظة " الأيم " التي مرت مثلاً قد تقبل دون ذلك الجدل الطويل الذي وضعه الىمدي، والماخذ الكبير على الذاهبين مذهب الدقة هذا انهم يتقيدون بوجهة نظر واحدة ولا يصححون ما عداها، فإذا روى أحد علماء اللغة تفسيراً للفظة لا يوافق المشهور لم يقبلوه، وليس كذلك موقف الشاعر، ثم أن الألفاظ تنزلق أحياناً انزلاقاً يسيراً عما وضعت له، بمرور الزمن، وهذا مبدأ لا يحترم أمثال الآمدي القائلون بالتدقيق، كذلك فان للكلام وجوهاً من التأويل يحتمل معها تخريجه على غير ما رآه الآمدي؛ فكيف إذا صدقنا ابن المستوفي بان الآمدي كان يغير رواية الشعر عمداً ليحدث ثغرة في شعر أبي تمام (?) ؟ أن هذه تهمة تعصف بالدقة التي يدعيها حين يزعم انه يرجع إلى أمهات النسخ. وثمة أمر تنبه له أبو العلاء المعري، وخلاصة رأيه إننا يجب ألا نسرع