أخذه أبو تمام من غيره 151 معنى، على حسب هذا الإحصاء، ثم عد للبحتري ثمانية وعشرين بيتاً أخذها من غير أبي تمام وأربعة وستين موضعاً أخذ معانيها من أبي تمام. وناقش أبا الضياء فيما خرجه من سرقات البحتري ورد عليه ودافع عن البحتري. هذا مع تصريح الآمدي بأنه لم يستقص سرقات البحتري كما استقصى سرقات أبي تمام. ولو فعل لكانت المعاني التي أخذها البحتري أكثر. إذ كان ما أخذه من شاعر واحد قد بلغ أربعة وستين معنى. وللآمدي موقف خاص من قضية السرقة، فهو على تتبعه لها، يحس أنها ليست من العيوب الكبيرة بقوله " وكان ينبغي آلا أذكر السرقات فيما أخرجه من مساوئ هذين الشاعرين لأنني قدمت القول في أن من أدركته من أهل العلم بالشعر لم يكونوا يرون سرقات المعاني من كبير مساوئ الشعراء، وخاصة المتأخرين إذ كان هذا باباً ما تعرى منه متقدم ولا متأخر " (?) . ترى من هم هؤلاء العلماء الذين يعتمد الآمدي حكمهم في هذا المجال، ونحن قد رأينا أن الكشف عن السرقة قد أصبح في القرن الثالث غاية كبيرة من غايات النقد وانه ظل كذلك فيما تلا من عصور. أتراه يعتذر بهذا عن صاحبه البحتري، لأنه لا يريد أن يعني نفسه باستقصاء سرقاته؟ مهما يكن من أمر فغن لدى الآمدي مقياساً للسرقة وهو أن ما جرى على الألسن وشاع من المعاني أو اصبح كالمثل السائر بين الناس فإنه لا يعد سرقة إذا اشترك فيه الشاعران (?) ، كذلك فغن ما كان اتفاقاً بين ألفاظ معينة لا يعد سرقاً (?) . وبهذا دافع عن البحتري في أكثر ما اتهم به من سرقة، وهذا مقياس جيد ولكن الصعوبة فيه إنما تكون في تحديد مدى الشيوع والسيرورة والجريان على الألسنة، ومن شاء مال بهذا المقياس في حال الدفاع أو الهجوم، ولكنه رغم ذلك، مقياس لا باس به، ولو

طور بواسطة نورين ميديا © 2015