الاتجاهات النقدية في القرن الرابع
أبو تمام - المتنبي - أرسطو، وأثرهم في نقد القرن الرابع
لولا ثلاثة أشخاص كانوا قوى دافعة في توجيه النظرية الشعرية في نقد القرن الرابع، لقدرنا أن يكون حظ ذلك النقد في الاتساع أقل مما أتيح له، ولكن أولئك الأشخاص الثلاثة جعلوا للنقد محوراً ومجالاً، سواء أكان ذلك في الحدود النظرية أو التطبيقية، واضطروا النقاد إلى أن يتعمقوا سبر غور العلاقة بين النظر والتطبيق فيحققوا للنقد شخصية متميزة بعض التميز. أما تلك القوى التي نشير إليها فهي أبو تمام وأرسطو والمتنبي. ولذلك يمكن أن يدرس معظم النقد في القرن الرابع في ثلاثة فصول هي: الصراع النقدي حول أبي تمام، والنقد في علاقته بالثقافة اليونانية، ومعركة النقد التي دارت حول المتنبي.
وقد استعمل النقد في هذه المجالات جميع الوسائل التي ورثها من العصر السابق، ومما قبله من عصور، ولم يطرح منها إلا ما كانت تفرضه مناسبة دون أخرى، ومن الطبيعي أن نجد أبا تمام يشغل النصف الأول من القرن الرابع وأن يقابله المتنبي في النصف الثاني، وأن يظل التمرس بالثقافة اليونانية مستمراً طوال القرن، بل أن يتعداه إلى ما بعده.