رسالته في أبي تمام والتطور في رأيه النقدي
إلا ان ابن المعتز لم يكن دائماً ذلك الناقد التأثري الذي تتملكه صيحات الإعجاب أمام الأثر الادبي، وإنما نعتقد أن كتاب " طبقات الشعراء " يمثل مرحلة متأخرة في حياته، ودليلنا على ذلك موقفه النقدي من أبي تمام، إذ يبدو أن هذا الموقف مر بمرحلتين: مرحلة تمثلها رسالة مستقلة كتبها في نقد أبي تمام (?) ومرحلة يمثلها كتاب الطبقات.
وقد احتفظ لنا التوحيدي بمقدمة تلك الرسالة (?) ، وهي مقدمة تدل على موقف ابن المعتز ومنهجه في نقده، يقول فيها " سهل الله عليكم سبيل الطلب، ووقاكم مكاره الزلل فيما رأيت من تقديم بعضكم الطائي على غيره من الشعراء أمراً ظاهراً، وهو أوكد أسباب تأخير بعضكم إياه عن منزلته في الشعر لما يدعو إليه اللجاج؛ فأما قوله فيه فإنه بلغ غايات الإساءة والإحسان، فكأن شعره قوله:
إن كان وجهك لي تترى محاسنه ... فغن فعلك بي تترى مساويه وقد جمعنا محاسن شعره ومساوئه في رسالتنا هذه، فرجونا بذلك ابتداع (؟) المسهب في امتداحه، ورد الراغب عنه إلى إنصافه، واختصرنا الكلام إيثاراً (?) لقصد ما نزعنا إليه وتوقياً لإطالة ما يكتفي بالإيجاز فيه؟ الخ ".
فخلاصة رأي الناقد في أبي تمام في هذه الرسالة " أنه بلغ غايات الإساءة والإحسان " أما في الطبقات فقد أصاب رأيه بعض التغير حيث قال: " واكثر ماله جيد والرديء الذي له إنما هو شيء يستغلق لفظه فقط، فأما أن يكون