بِيضُ الْوُجُوهِ كَرِيمَةٌ أَحْسَابُهُمْ ... شُمُّ الْأُنُوفِ مِنَ الطِّرَازِ الْأَوَّلِ
قَالَ: ادْنُهْ، ادْنُهْ، لَعَمْرِي مَا أَنْتَ بِدُونِهِمَا، ثُمَّ أَمَرَ لِي بِثَلَاثِمِائَةِ دِينَارٍ، وَبِعَشَرَةِ أَقْمِصَةٍ لَهَا جَيْبٌ وَاحِدٌ، وَقَالَ: هَذَا لَكَ عِنْدَنَا فِي كُلِّ عَامٍ. قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الْفَقْعَسِيُّ، مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ خُزَيْمَةَ:
[البحر الطويل]
أَلَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِسَلْعٍ وَلَمْ تُغْلَقْ عَلَيَّ دُرُوبُ
وَهَلْ أُحُدٌ بَادٍ لَنَا وَكَأَنَّهُ ... حَصَانٌ أَمَامَ الْمَقْرُبَاتِ جَنِيبُ
يَخُبُّ السَّرَابُ الضَّحْلُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ ... فَيَبْدُو لِعَيْنِي تَارَةً وَيَغِيبُ
فَإِنَّ شِفَائِي نَظْرَةٌ إِنْ نَظَرْتُهَا ... إِلَى أُحُدٍ وَالْحَرَّتَانِ قَرِيبُ
وَإِنِّي لَأَرْعَى النَّجْمَ حَتَّى كَأَنَّنِي ... عَلَى كُلِّ نَجْمٍ فِي السَّمَاءِ رَقِيبُ
وَأَشْتَاقُ لِلْبَرْقِ الْيَمَانِيِّ إِنْ بَدَا ... وَأَزْدَادُ شَوْقًا أَنْ تَهُبَّ جَنُوبُ
كَانَ ابْنُ نُمَيْرٍ الْحَضْرَمِيُّ شَاعِرًا مُسِنًّا، وَكَانَ نَازِلًا بِبِلَادِ قَوْمِهِ، ثُمَّ نَزَلَ الْمَدِينَةَ يَسِيرًا مِنْ دَهْرِهِ، ثُمَّ حَنَّ فَرَجَعَ إِلَى بِلَادِهِ نُكْرًا مِنْهُ فِي مَعِيشَتِهِ، فَلَامَتْهُ عَلَى ذَلِكَ زَوْجَتُهُ فَقَالَ يَعْتَذِرُ لِخُرُوجِهِ عَنِ الْمَدِينَةِ:
[البحر الوافر]
أَلَا قَالَتْ أُمَامَةُ بَعْدَ دَهْرٍ ... وَحُلْوُ الْعَيْشِ يُذْكَرُ فِي السِّنِينِ
سَكَنْتَ مُخَايَلًا وَتَرَكْتَ سَلْعًا ... شَقَاءٌ فِي الْمَعِيشَةِ بَعْدَ لِينِ
فَقُلْتُ لَهَا ذَبَبْتُ الدَّيْنَ عَنِّي ... بِبَعْضِ الْعَيْشِ وَيْحَكِ فَاعْذُرِينِي