مَا جَاءَ فِي ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ وَسَبَبِ مَا سُمِّيَتْ بِهِ قَالَ أَبُو غَسَّانَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ عَامِرٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ أَحَدٌ إِلَّا عَنْ طَرِيقٍ وَاحِدٍ مِنْ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، فَإِنْ لَمْ يُعَشِّرْ بِهَا مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا، فَإِذَا وَقَفَ عَلَى الثَّنِيَّةِ قِيلَ: قَدْ وَدَّعَ، فَسُمِّيَتْ ثَنِيَّةَ الْوَدَاعِ، حَتَّى قَدِمَ عُرْوَةُ بْنُ الْوَرْدِ الْعَبْسِيُّ فَقِيلَ لَهُ: عَشِّرْ بِهَا، فَلَمْ يُعَشِّرْ، ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر الطويل]
لَعَمْرِي لَئِنْ عَشَّرْتُ مِنْ خَشْيَةِ الرَّدَى ... نُهَاقَ الْحَمِيرِ إِنَّنِي لَجَزُوعُ
ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ، مَا لَكُمْ وَلِلتَّعْشِيرِ؟ قَالُوا: إِنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا فَلَمْ يُعَشِّرْ بِهَا إِلَّا مَاتَ، وَلَا يَدْخُلُهَا أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ إِلَّا قَتَلَهُ الْهُزَالُ. فَلَمَّا تَرَكَ عُرْوَةُ التَّعْشِيرَ تَرَكَهُ النَّاسُ، وَدَخَلُوا مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ