وَالشِّعْرُ الَّذِي هَجَا بِهِ أَصْحَابَ الْكَلْبِ:
تَجَشَّمَ دُونِي وَفْدُ قُرْحَانَ شُقَّةً ... تَظَلُّ بِهَا الْوَجْنَاءُ وَهِيَ حَسِيرُ
فَرَاحُوا بِكَلْبٍ مُرْدِفِيهِ كَأَنَّمَا ... حَبَاهُمْ بِبَيْتِ الْمَرْزُبَانِ أَمِيرُ
فَأُمُّكُمُ لَا تَتْرُكُوهَا وَكَلْبَكُمْ ... فَإِنَّ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ كَبِيرُ
إِذَا غُيِّبَتْ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ دُخْنَةٌ ... يَظَلُّ لَهُ تَحْتَ السَّرِيرِ هَرِيرُ
فَيَالَكَ مِنْ كَلْبٍ تَعَوَّدَ مَا يَرَى ... بِصَبِرٍ فَمَا فَوْقَ السَّرِيرِ خَبِيرُ
فَلَمَّا أُتِيَ بِهِ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُنْشِدُ الشِّعْرُ قَالَ: «وَيْلَكَ، أَرَمَيْتَ أُمَّ قَوْمٍ بِكَلْبِهِمْ؟ لَوْ كُنْتَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَزَلَ فِيكَ قُرْآنٌ» ، وَضَرَبَهُ وَحَبَسَهُ، فَعُرِضَ عَلَيْهِ يَوْمًا فَوَجَدَ مَعَهُ خِنْجَرٌ، وَيُقَالُ وَجَدَ خِصَافَيْ نَعْلِهِ، فَرَدَّهُ إِلَى حَبْسِهِ بَعْدَمَا شَاوَرَ فِيهِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ بِقَتْلِهِ بَعْضُهُمْ، وَنَهَاهُ بَعْضٌ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامٍ، قَالَ: كَانَ ضِابِئُ سَيِّئَ الْبَصَرِ فَأَوْطَا صَبِيًّا فَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: إِنِّي سَيِّئُ الْبَصَرِ، فَأَعْفَاهُ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ:
وَمَنْ يَكُ أَمْسَى بِالْمَدِينَةِ رَحْلُهُ ... فَإِنِّي وَقَيَّارًا بِهَا لَغَرِيبُ
وَقَيَّارٌ فَرَسُهُ قَالَ: وَاسْتَعَارَ مِنْ قَوْمِ بَنِي نَهْشَلٍ كَلْبًا فَحَبَسَهُ سَنَةً، فَلَمَّا طَلَبُوهُ قَالَ: وَأَنْشَدَنِي الْأَبْيَاتَ الْخَمْسَةَ، قَالَ: فَرُفِعَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ