ب- وأشهر الوجوديين الفرنسيين الآن، أي: أكثرهم إنتاجًا وضجيجًا؛ جان بول سارتر الذي يعرف الوجودية بأنها مذهب إنساني، ويلح في تحليل النواحي القذرة البشعة من الإنسان في قصص تلقى رواجًا كبيرًا 1 , وهو مادي ملحد يظن أن الإلحاد يستلزم القول بأن الوجود في الإنسان سابق على الماهية، أو أن "الإنسان يوجد أولًا ويعرف فيما بعد" من حيث إنه لا يوجد إله يتصور الماهية الإنسانية ثم يحققها كما يتصور الصانع ماهية الآلة ثم يصنعها أو كما يتصور كنط الماهية الإنسانية "سابقة على الوجود التاريخي الذي نصادفه في الطبيعة". هذا موقفه الميتافيزيقي, وهذا الموقف يعود إلى القول بأنه يجب البدء من "الذاتية" لأجل دراسة الإنسان فينظر إليه كما هو موجود في بيئة معينة, وفي كل فرد على حدة دون اعتبار للمعنى الكلي الذي يقال: إنه يمثل الماهية والذي يدرجون تحته "إنسان الغابات وإنسان الطبيعة والبورجوي" على السواء. ومتى كان الوجود سابقًا على الماهية لم يبق في الإنسان شيء يعين سلوكه ويحد حريته بل كان حرا كل الحرية يعمل ما يشاء ولا يتقيد بأي شيء, إذ إن الوجودية "لا ترى أن بوسع الإنسان أن يجد معونة في علامة على الإرض تهديه السبيل؛ لأنها ترى أن الإنسان يفسر الأشياء بنفسه كما يشاء، وأنه محكوم عليه في كل لحظة أن يخترع الإنسان". فما الإنسان "إلا ما يصنع نفسه وما يريد نفسه وما يتصور نفسه بعد الوجود". بهذا يظن سارتر أنه يحقق الغرض الذي يرمي إليه وهو إنقاذ الحرية من الجبرية، فيصف الوجودية بأنها مذهب تفاؤل لأنها تضع مصير الإنسان بين يديه "فتجعل الحياة الإنسانية ممكنة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015