طبيعيًّا وأن مواد فصوله في المنطق الاستقرائي مستمدة من وول 1 Whewell وهرشل 2 Hershell، ومناهجه مأخوذة عن فرنسيس بيكون. وكتابه في فلسفة هاملتون كتاب مهلهل لا يدري قارئه أحيانًا كثيرة أين الفاصل بين ما يورده المؤلف عن هاملتون وما يعقب به عليه، وهو إلى ذلك ساذج يخلط خلطًا كثيرًا في جميع مسائل الفلسفة. ومثل هذا يقال في كتاب النفعية وفي سائر كتبه. فلسنا ندري في الحق سببا لشهرته إلا أن يكون وفرة التأليف وضخامة الدعوى, وما هو في هذا بفريد!
158 - المذهب الحسي:
أ- كان مل يعتقد أن المذهب العقلي هو المذهب الحدسي كما يوجد عند هاملتون، وأن المذهب العقلي يعني التعويل على الرأي الخاص كيفما كان، ويحمل على التكاسل والمحافظة على القديم بأن يحسم كل مشكلة بقوله: إن العقل يرى كذا أو يجد في نفسه كذا وكذا من المعاني والمبادئ؛ فعارضه بالمذهب التجريبي القائل: إن الأفكار آتية كلها من التجربة، وإن جميع النسب والعلاقات تفسر بقوانين التداعي. والواقع أن هذا المذهب يعجز عن تفسيرها، فإنه يقضي بأننا لا ندرك سوى ما يقع تحت الحس أو الباطن على ما يقع، فيدع الظواهر المدركة منفصلة متعاقبة تعاقب أفعال الآلة المادية، فلا يحد مل، لكي يفسر اعتقادنا بالجواهر، إلا أن يقول: إن هذا الاعتقاد مبني على "إمكان مستمر للإحساس في ظروف معينة" مثال ذلك: أني "أرى ورقة بيضاء على منضدة، ثم أنتقل إلى حجرة أخرى ومع أني انقطعت عن رؤية الورقة فإني موقن أنها ما تزال في موضعها" وذلك لأن باستطاعتي أن أعود فأراها؛ وباستطاعتي أن أدرك ظواهر معينة متى أدركت