وسقيت العطشان، وكسوت العريان، ونقلت الرجل الذي لم يكن عنده مركب ينقله1.
وبعد أن تغفر خطايا آني وزوجته -وهو وزوجته واحد- يحضرونه؛ ليقف أمام الإله أوزيريس الجالس على عرشه في محراب تحيط به زوجته إيزيس وأختها نفتيس كما كانا في الحياة الدنيا.
مما لا شك فيه أن فكرة الخلود بعد الحياة الدنيا التي يتوقف الفوز بها على تصرف المرء وسلوكه في المجتمع قللت من أهمية الطقوس والشرائع ورفعت من شأن الحياة العملية الفاضلة التي يحياها الإنسان على الأرض، كما أنها قللت من شأن العبادة والقيام بشعائرها ورفعت من شأن السلوك والتصرف الاجتماعي، ولكن النظرة إلى الخطيئة أنها تخلف المرء عن المحافظة على الشعائر والطقوس الدينية ظلت النظرة الشائعة التي كان أهل العراق القديم ومصر وإيران يأخذون بها.
وقد تحدرت إلينا من عصر بناة الأهرام أقوال حكمية تتضمن تعاليم اجتماعية عن طريق الاعترافات التي كان الميت يعترف بها يوم الدينونة، وعن طريق النقوش الكتابية على القبور والتوابيت والمراسيم المتعارف عليها في أمور الدفن؛ هذه الأقوال الحكمية وهذه المبادئ الاجتماعية تشير كما يقول المؤرخ برستد2 عنها "إلى انبلاج فجر الضمير الإنساني" وإلى نشوء نظام أخلاقي، ففي سياق إسداء النصح إلى ولده سيزوز ستريس الأول يقول الملك الطاعن في السن أمينمحات الأول "حكم في حدود 2000 ق. م: "تصدقت على السائل وأطعمت اليتيم وأذنت للوضيع أن يدخل إلى مجلسي كما كنت أُدخل النبيل"3.