فحملوا على ذلك العرب فدانت به، ووقفوا على عرفات، وأفاضوا منها وطاف الرجال بالبيت عراة، وأما النساء فتضع إحداهن ثيابها كلها إلا درعا مفرجا ثم تطوف فيه1.
قال الشاعر يذكر شيئا تركه من ثيابه فلا يقربه، وهو يحبه:
كفى حزنا كري عليها كأنها ... لقى بين أيدي الطائفين حريم
أي حرام لا تمس.
ونلاحظ أن هذا المذهب الديني عندما وضعته قريش رمت به إلى ربط قبيلتها بقدسية البيت سواء أكانت القبيلة قائمة في حرمه الآمن أم كانت في الحل، فكل من ينتمي إلى قريش توالدا يكون تشريعه الخاص في نسكه.
هكذا أصبح للعبدة في الكعبة مراسيم وثنية معينة: يحج الناس إليها في التاسع من ذي الحجة، فيحرمون، ويطوفون، ويلبون، ويرمون الحجارة، ويتمسحون بالأنصاب والأوثان التي فيها، ويهدون ما هم مهدون ثم ينصرفون. وكان أهل الحرم يؤمون الناس في المناسك، وسدانة البيت عندهم: وراثية في آل "عبد الدار" "وهم يشبهون الأسر الدينية التي كان بيدها تنظيم الأعياد الدينية لدى اليونان"2.
ومن جانب آخر عززت قريش بكل قوتا مركزها المالي باستغلال مركز مكة التجاري فنظمت القوافل فكان لها رحلتان: رحلة الشتاء: إلى اليمن، ورحلة الصيف إلى الشام، عدا الرحلات إلى الحيرة وتزايدت في اليمن وبالغت في نشر قداسة البيت الحرام لحماية تجارتها في الصحراء من غزو الفتاك.
وبهذا الإيلاف ربطت علائقها مع الأمم المجاورة أي باتفاقاته.
عقد هاشم بن عبد مناف: أحدها مع أمراء الغساسنة والرومان، فأذنوا له ولقومه بالتجارة مع الولاية العربية في بصري ومع ولاية فلسطين في غزة، وعقد عبد شمس