وكانت هناك مستعمرات يهودية تزرع فيها بعض المزروعات، التي تستهلك محليا، أو تنقل إلى المدن المجاورة لاستهلاك سكانها1.

مكة وموقعها المتميز:

تقع مكة في وادٍ منحصر بين الجبال في منطقة جافة، ذات مناخ قاريٍّ حار جدًّا في الصيف، قليل الأمطار في الشتاء، وحين تسقط الأمطار، فإنها لا تكون غزيرة، ولكنها تشكل سيولًا، تنحدر من الجبال إلى الوديان والشعاب، وكثيرًا ما جرفت "الكعبة".

وإنه مما لا شك فيه أن "مكة" منذ أن ظهرت للوجود كانت مركزًا تجاريًّا هامًّا، وأن ازدهارها كمركز مرتبط إلى أبعد الحدود بوجود الحرم فيها، وهو المنطقة التي تحرم فيها كل أنواع القتل. يضاف إلى هذا موقعها الجغرافي، ووجودها على مفترق الطرق، التي تحمل التجارة من "اليمن إلى سورية"، ومن "الحبشة إلى العراق" قد ساعدا على إضفاء الأهمية التجارية عليها.

وهكذا: فقد كانت "مكة" مقصد البدو الذين يرتادونها لشراء ما يحتاجون من البضائع التي تصلها من جميع الجهات، بواسطة القوافل التجارية.

وأغلب الظن: أن المكيين كانوا في الأساس وسطاء تجاريين، أو تجار مفرق، ولم يكونوا من فئة المستوردين الكبار، الذين ينظمون القوافل ويسيرونها2.

ويذهب التجار المكيون بالمقابل إلى الحيرة ليبتاعوا، وينقلوا ما يحتاجون من منتوجاتها. كذلك كان نشاط المكيين التجاري واسعًا مع بلاد الشام، فقد كانوا يأتون إليها حاملين بضائع الهند، ويعودون منها ومعهم الحبوب والزيت، والخمور والأسلحة، والمنسوجات والجواري.

وكان الصيف هو الفضل الذي تقصد فيه قوافلهم بلاد الشام، تزور مدن "غزة" حيث دفن هاشم جد النبي -صلى الله عليه وسلم- و"آيلة": و"بصرى"، وتعود بعد أن تقوم بعملية البيع والشراء محملة بالبضائع من جديد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015