وهذا وغيره أدى إلى انصراف الناس عنها إلى اعتناق هذه المذاهب، فكانت هذه المذاهب على خطورتها -في نظرهم- أقل تعقيدا في قضاياها، وأجمع للقلوب؛ لقلة اختلاف ذويها، ولا تُناظر المسيحية من حيث جفاف روحها الديني.

يقول تايلور في كتابه "المسيحية القديمة": أما ما قابله محمد -صلى الله عليه وسلم- وأتباعه في كل اتجاه فلم يكن إلا خرافات منفرة، ووثنية منحطة، ومخجلة، ومذاهب كنيسة مغرورة، وطقوسا دينية منحلة، وصبيانية، بحيث شعر العرب ذوو العقول النيرة: بأنهم رسل من قبل الله، ومكلفون بإصلاح ما ألم بالعالم من الفساد1.

ويقول الدكتور شوقي ضيف: على أن هناك آفات كانت تشيع في هذا المجتمع الجاهلي لعل أهمها الخمر واستباحة النساء والقمار.

ثم يقول: وأكثر من كان يتجر بها -أي الخمر- اليهود والنصارى، وكانوا يجلبونها لهم من بصرى وبلاد الشام ومن الحيرة وبلاد العراق.

ويقول: إنهم كانوا يضربون خيامهم في بعض الأحياء أو في بعض القرى، ويضعون فوقها راية تعلن عنهم فيأتيهم الشباب؛ ليشربوا، وليسمعوا بعض القيان ممن يصاحبنهم2.

ومن جانب المقابلة بين التراث الشرقي والتراث الغربي نقول:

استطاع الشرق بعد أن هزم سياسيًّا: أن يرفض بعنف سيطرة التراث اليوناني الروماني، وحاول حصره داخل مدرسة الإسكندرية، وأن يصر بعنف بالغ -كما رأينا في موقف اليهودية- على رفض الوثنية الدينية، وتعرض اليهود من أجل ذلك إلى الشتات؛ وذلك في سبيل عقيدتهم. وهذا موقف يصم السياسة بأنها لا تستطيع تغير من عقائد الناس. هذا من ناحية الموقف الرافض للتراث الهليني من قبل اليهود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015