أما سؤال المؤلف الذي بدأ به بحثه: وهو أن نقطة مبدأ الحضارة الشرقية هي اليونان، فكان غرضًا منه إلغاء بحثه.

وليس معنى عدم تقبل الشرق للتراث اليوناني تخلفا في الشرق، بل قد يكون كما قلنا: راجعا إلى نوعية الثقافة التي ترجمت كما قلنا.

وقد يحلو لنا أن نزكي ثقافة على ثقافة، ولكن من المكروه أن نجعلها المقياس الأمثل، أليس محاولة فرضه هي عين الاستدباد في الرأي؟ والاستبداد مرض يوصم صاحبه بالأثرة ولا يرجي له العلاج منها.

وفي ذلك ما يفيد -من خلال منهج بحثه- تورطه في معنى التعصب بشامل معناه:

- تعصب وطني.

- تعصب ديني.

- تعصب لليونانية.

لذلك جاء البحث سابقة لا توطِّئ لها مقدماته.

ثم نراه يعيب علينا أن نأخذ من الوحي في الوقت الذي نراه يستشهد بسقراط فعاب على الشرق بما أخذ به؟

ثم نأخذ عليه: أنه خلط بين الدين الإسلامي، والدين الوضعي1، وهو يعلم جيدا ما يعني مبدأ التفريق بينهما.

وفي النهاية أحب أن أشير إلى نقطة جوهرية بين الثقافة، والحضارة.

وإذا كانت الثقافة اليونانية حقيقة كما يتفق الباحثون: لم تتقدم، وكانت نمت نموًّا بطيئًا في الشرق عنه في الغرب، وكانت هي العامل الأول -كما يقولون- لكل تحوُّلٍ حضاري، فكيف نفسر إذن الحضارة الإسلامية إبان ازدهارها؟

هذا ما لم يُثِرْه المؤلف ولم يتعرض له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015