4 - اثر الهجرة اللبنانية

بدأت الهجرة اللبنانية إلى امريكا الشمالية 1854 التي فتح طريقها انطون البشعلانى توالت طوائف المهارجين وازدادت بعد حوادث 1860 ثم اتسع نطاقها بعد الثورة العرابية ويمكن اطلاق اسم الهجرة الشامية عليها لاشتراك الفلسطينيين والسوريين فيها.

وكانت ظاهرتا المجاعة من أبرز عوامل هذه الهجرة، بدأت الهجرة إلى البرازيل (أمريكا الجنوبية) عام 1874 وتكاثر المهاجرون بها في نهاية القرن بعد هرب يوسف كرم من لبنان مع فريق من جنوده إلى أمريكا الجنوبية ووصلت طلائح المهاجرين إلى الارجنتين 1884 التي فتحت أبوابها للمهاجرين العرب حتى زاد عددهم عن 300 ألف.

وقد بدات النهضة الفكرية 1888 في الشمال حيث صدرت أول جريدة لهم في نيويورك (كوكب أمريكا) ثم صدرت (الهدى - تعوم مكرزم 1898) ثم توالت الصحف كما أنشأت الجمعيات، وفي مقدمتها الرابطة القلمية بنيويورك 1912 والعصبية الأندلسية (سان باولو 1932) وفي المهجر ظهر تيار من الأدب العربي عرف بالأدب المهجرى تأثر أصحابه الأدب الغربي في طلاقته وفي التحرر من قيود الأسلوب والمعانى. وكان ولا شك لظهور هذا الأدب في بيئة غير البيئة العربية التي كانت محتملة في ذلك الوقت بقيود الاستبداد والتقاليد ما مكن له من أن يحمل لواء التحرر.

وأبرز من ظهر في المهجرك جبران وأمين الريحاننى ونسب عريضة وفرحات وميخائيل نعيمة وايليا أبو ماضى والشاعر القروى وشفىق معاوف.

ولاشك كان للعوامل النفسية والاجتماعية التي أحاطت بهؤلاء المهاجرين أثرها في أدبهم، فهم قد هاجروا من أوطانهم في ظل من الحاجة المسغبة والاضطهاد، فاذا بهم يقطعون الطريق إلى عالم مجمهول، عاشوا فىه بين الاغتراب والفائة والعمل المضننى في سبيل كسب العيش، وذلك بحمل " الكشة " على أكتافهم يدورون بها في القرى ويعرضون ما يحملون فيها من لعب ودبابيس وأمشاط وصنون على البيوت التي يدقون أبوابها وقد

استمروا طويلا في هذا الجلاد المضننى حتى تحقق لهم الحصول على الغنى، وفي ظل هذا الكفاح المضنى انتجوا أثارهم الأدبية التي حملت في تضاعيفها معنى الحرمان والاغتراب والشوق إلى الوطن وتصوير ما احتماوه من متابع وآلام. وقد ذاع هذا الأدب في العالم العربي كمذهب جديد تأثر به الأدب في اسلوبه ومضمونه، وكان الشعر أشد تأثرا به، وحمل الأدب العربي في لبنان لواء اللون المهجرى حتى عرفت به.

ولاشك ان كان للأدب المهجرى بمعالمه وآرائه وحريته أثر واضح في الفكر العربي الحديث فقد حمل لواء الدعوة إلى الحرية والقومية العربية ومقاومة الاستبداد والاستعمار، وأتاحج للاثار التي صدرت منه باللغة الانجليزية أن تعرف الغرب بالفكر العربي وقد أصابت أثار كثيرة منه وفي مقدمتها كتاب النبى لجبران خليل جبران شهرة بعيدة فطبعت منه عشرات الالاف من النسخ.

ويمثل الأدب المهجرى صورة واضحة لامتزاج الفكر العربي ببالفكر الغربي والتأثر به في الأسلوب والطريقة قد وصف الأدب الهجرى: بالواقعية والانسانية، وقد تأثر الروح الغربي واتجه نحو الانسان من حيث هو انسان حى، فكان في مجموعة يحمل أواء الدفاع والكرامة والحرية الانسانية.

وتمثل الهجرة اللبنانية في الفكر العربي طابع الأمة العربيى في الهجرة والاقتحام والمغامرة والتطلع إلى الآفاق البعيدة والخروج من البيئة اذا تضاعفت فىها عوامل الاضطهاد والفقر في محاولة للبحث عن الرزق والحرية والكرامة مهما احتمل في سبيل ذلك من العنت. وقد حققت الهجرة اللبنانية هذا المعنى، ففتحت أفاقا جديدة وظل العدد الكبير من المهاجرين مرتبطا بالوطن، مؤمنا بالعروبة واللغة العربية، يمتزج في تفكيره الشوق إلى أرض الوطن بأفكار الحرية والكفاح في سبيل الرزق. وكانت لصيحات الحرية التي أعلنها أثرها الواضح في الوطن العربي.

وقد كان للباحثين على الأدب المهجرى تحفظات كثيرة تتعلق بعدم التزامه بالقيم الإسلامية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015