وروى مُحَمَّد بن رستم الطَّبَرِيّ، قَالَ: أخبرنَا أَبُو عُثْمَان الْمَازِني، قَالَ: كنت عِنْد سعيد بن مسْعدَة الْأَخْفَش، أَنا وَأَبُو الْفضل الرياشي، فَقَالَ الْأَخْفَش: إِن " مذ " إِذا رفع بهَا فَهِيَ اسْم الْمُبْتَدَأ، وَمَا بعْدهَا خَبَرهَا، كَقَوْلِك: " مَا رَأَيْته مذ يَوْمَانِ "، وَإِذا خُفض بهَا فَهِيَ حرف معنى لَيْسَ باسم، كَقَوْلِك: مَا رَأَيْته مذ الْيَوْم.

فَقَالَ الرياشي: فَلم لَا يكون فِي الْمَوْضِعَيْنِ اسْما، فقد رُوِيَ الْأَسْمَاء تنصب وتخفض، كَقَوْلِك: " هَذَا ضَارب زيدا "، و " ضَارب زيد أمس " فَلم لَا يكون بِهَذِهِ الْمنزلَة؟ فَلم يَأْتِ الْأَخْفَش بمقنع.

قَالَ أَبُو عُثْمَان: فَقلت لَهُ: لَا تشبه " مذ " مَا ذكرت من الْأَسْمَاء؛ لأَنا لم نر الْأَسْمَاء هَكَذَا تلْزم موضعا وَاحِدًا، إِلَّا إِذا عارضت حُرُوف الْمعَانِي، نَحْو " أَيْن " و " كَيفَ " وَكَذَلِكَ " مذ " هِيَ مضارعة لحروف الْمعَانِي، فلزمت موضعا وَاحِدًا.

قَالَ الطَّبَرِيّ: فَقَالَ ابْن أبي زرْعَة للمازني: أفَرَأَيْت حُرُوف الْمعَانِي تعْمل عملين مُخْتَلفين متضادين؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015