رهائن من كل جند لضمان مغادرتهم الأندلس خلال سنة واحدة، بعد أن يكونوا قد هزموا البربر. وبالمقابل فقد تعهد عبد الملك بنقلهم أثناء عودتهم إلى شمال أفريقيا في مجموعة واحدة، دون أن يفصلهم، أو يعرضهم لخطر البربر في شمال أفريقيا. فعبر بلج ورجاله، واستطاعوا أن ينتصروا بسرعة على البربر في الأندلس، ثم رفضوا أن يغادروا البلاد. ومن هنا فقد قام صراع مرير بين المستقرين الأوائل، أو البلديين، وبين الشاميين، استمر حتى وصول والٍ جديد للأندلس، هو أبو الخطار الحسام بن ضرار الكلبي، سنة 125 هـ/742 م.
لقد كان على علي بن أبي الخطار أن يعمل على إيجاد جو مناسب لاستقرار الشاميين في البلاد، ولم تكن هذه المهمة سهلة، لأن قرطبة كانت قد ازدحمت كثيراً، والبلديون يطالبون بانسحاب الشاميين وإخراجهم من البلاد، ولحل هذه المشكلة قرر أبو الخطار أن يمنح الشاميين إقطاعات من الأرض، في مناطق لم يستقر فيها البلديون بعد، تقع في كور معينة من الأندلس، وبهذا يتمكن الشاميون من الاستقرار تحت إمرة زعمائهم، وأن يكونوا جاهزين للجهاد والخدمة في الجيش العربي وقت الحاجة (?).
وقد جرى توزيع الشاميين واستقرارهم في الأندلس على غرار تجمعاتهم السابقة في بلاد الشام، أي نظام الجند. وقد تحرى أبو الخطار أن يكون استقرار كل مجموعة في مكان يحمل بعض التشابه للجند الأصلي الذي كانت تنتمي إليه في بلاد الشام. ومن هنا، فقد استقر جند دمشق في البيرة، وجند حمص في اشبيلية ونبلة، وجند قنسرين في جيان، ووزع جند فلسطين بين شذونة والجزيرة الخضراء، وجند الأردن في رية (محافظة مالقة الحالية)، أما جند مصر، فقد قسم إلى قسمين، وزع الأول على أكشونبة Ocsonaba (Faro) ، وباجة في جنوب البرتغال الحالية، والثاني في تدمير (محافظة مرسية الحالية) (?). أما أولئك الشاميون الذين سكنوا في مناطق مختلفة مع البلديين، قبل ترتيبات الاستقرار التي وضعها أبو الخطار، فقد بقوا في أماكنهم الأولى، ولهذا سموا بالشاذة، لأنهم شذوا في أماكن استقرارهم عن بقية إخوانهم الشاميين (?).
وباستثناء كورة تدمير، لا تتوفر لدينا معلومات تشير إلى أن أياً من أماكن الاستقرار