الأرض (?). وهذا إجراء محتمل جداً، وتوجد عليه أدلة وسوابق في أماكن أخرى من الدولة العربية. ففي العراق على سبيل المثال، عين الخليفة سليمان بن عبد الملك، صالح بن عبد الرحمن، ليمثله ويتولى مسؤولية الخراج والضرائب، من أجل إحكام السيطرة على الشؤون المالية للولاية وحفظها لصالح الخلافة (?). وعلى أية حال، فقد توقفت عملية تقسيم الأرض في الأندلس، نظراً لوفاة الخليفة عمر بن عبد العزيز (101 هـ/719 م) وكذلك وفاة عامله السمح بن مالك الذي استشهد في معركة قرب مدينة طولوشة عام 102 هـ/720 م، كما أسلفنا في الفصل الثالث. وظلت وضعية الأرض، وسيادة البلديين دون تغير حتى وصول الشاميين، وولاية أبي الخطار الكلبي، حين تطلبت الظروف إيجاد أراضٍ جديدة لاستقرار القادمين الجدد من القبائل الشامية.
لقد كان البلديون يتألفون بشكل عام من رجال العشائر العربية الذين ينتمون إلى مختلف القبائل اليمنية، ومع ذلك، فقد كانت قلة منهم تنتمي إلى عشائر أخرى من مضر وربيعة. وفيما يأتي محاولة للتعرف على نماذج من هؤلاء البلديين ومناطق سكناهم واستقرارهم في الأندلس.
يُعد الأنصار أو المدنيون من أشهر العشائر التي رافقت حملة موسى بن نصير، وقد توزعوا بعد الفتح في مختلف أماكن شبه الجزيرة الآيبيرية، ولكن مناطق استقرارهم الرئيسة، أو منازلهم، كما كانت تسمى، كانت تقع في منطقة سرقسطة (?). وكان من هؤلاء أسر معروفة من الأوس والخزرج، من أشهرهم أحفاد سعد بن عبادة، أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد استقر هؤلاء بالقرب من سرقسطة، وفي مناطق أخرى من الأندلس، مثل شذونة، وقرطبة (?). كما سكن جماعة منهم في شرق الأندلس، في منطقة شارقة Jerica ( في محافظة قسطليون الحالية)، وكان لهم قلعة تسمى بقلعة الأشراف (?). ويرجع حكام غرناطة، آخر الممالك الإسلامية في الأندلس، في أصلهم