ابن أسلم والقضاة الآخرين كانوا قضاة الجند الذين يفصلون في أمر الجند في العاصمة أو عندما يخرجوا معهم في معارك الجهاد، ودليلنا على ذلك، أنه على الرغم من وضوح منصب قاضي الجماعة بقرطبة في عصر الإمارة (?)، لكن بقي منصب قاضي الجند بقرطبة وتولاه محمد بن بشير (توفي عام 198 هـ) (?).
6 - واحترم الحكم العربي في الأندلس خلال هذه الفترة أهل الذمة من اليهود والمسيحيين، وجعل لهم الحرية الكاملة في اختيار قضائهم وفض المنازعات التي تقع بينهم بموجب قوانينهم الخاصة ولا تتدخل الدولة في أمورهم، ولهذا وجد اسم قاضي العجم أو القومس. وفي الحالات التي يقع فيها الخصام بين مسلم وذمي يقوم القاضي المسلم بفض المنازعات، ولذا يجلس هذا القاضي في رحبة المسجد لكي يتمكن أهل الذمة الوصول إليه بيسر (?).
وفي عصر الإمارة 138 - 316 هـ، استقرت الدولة العربية في الأندلس وبدأت نظمها تظهر أكثر وضوحاً مما كانت عليه في عصر الولاة. ولذا نرى في هذا العصر الاهتمام بنظم القضاء، وقد سار عبد الرحمن الداخل وأولادهُ وأحفادهُ الذين حكموا الأندلس من بعده على اختيار القضاة الجيدين الذين لا تأخذهم في الحق لومة لائم.
ولهذا نرى من خلال كتب التاريخ التي تترجم حياة كل أمير أموي تشير إلى أهم قضاته (?)، ونرى من خلال الكتب الأندلسية التي اهتمت بالقضاء أنها تروي حياة القاضي مشيرة إلى اسم الأمير الذي ولاه القضاء (?).
ولنظام القضاء في هذا العصر عدة مميزات أهمها:
1 - قاضي العاصمة قرطبة يسمى قاضي القضاة أو قاضي الجماعة وكانت سلطته لا تتجاوز حدود الإقليم أو المدينة نفسها. وكان للمدن والأقاليم الأندلسية الأخرى قضاة لا علاقة لهم بقاضي الجماعة، ولكن أحياناً كان الأمير يستشير قاضي الجماعة في تعيين