وانتقل إليها بأهله وولده وبقي مجاهد وجيشه في سردينية ما يقارب سنة (?). وبعدها بدأ مجاهد العامري بمهاجمة سواحل إيطاليا القريبة، فقررت المدن الإيطالية إحباط هذا المشروع وتحالفت مع البابا لتحقيق الأمر. فسارت الأساطيل الإيطالية والأوروبية فحاصرت الجزيرة. ومما أحرج مركز المسلمين فيها تمرد الجند المرتزقة الإسبان في أسطول مجاهد، مع هبوب العواصف العاتية. فحلت الهزيمة المنكرة بالأسطول الأندلسي عام 407 هـ وقتل معظم رجاله، وأسر بعضهم ومنهم ولده علي وأمه (جود) الإسبانية، وأخوه وبعض نسائه (?)، ففشل هذا المشروع الكبير، وذكرت بعض الروايات أن مجاهداً العامري هاجم سردينية في عام 410 هـ وعام 441 هـ وأنه وقع أسيراً في أيدي الأعداء، وهذه روايات لا سند لها، لأن مجاهد توفي عام (436 هـ)، إلا أنها تدل على مقدار الفزع الذي أثاره هذا البحار المغامر في سواحل البحر المتوسط الغربية والشمالية بعد حملة سردينية (?). ومن الطريف، أن مجاهد العامري كان يحتفل بجزيرة ميورقة في صيف كل عام بعيد المهرجان (عيد العنصرة) في 24 حزيران، فيقوم الأسطول بعرض ومناورات وألعاب يحضرها مجاهد نفسه وأمراء الجزيرة فيما بعد، وقد امتدح الشاعر أبو بكر الداني المعروف بابن اللبانة هذا الاحتفال (?).

في الفترة المبكرة من عهد المرابطين ساهمت الخدمات البحرية التي قدمتها الأندلس وبخاصة إشبيلية إلى يوسف بن تاشفين هي التي مكنته في القضاء على إمارة سقوت البرغواطي صاحب الأسطول القوي. بعد أن تمت سيطرة المرابطين على سبتة وطنجة أفادوا من دور الصناعة القديمة فيها وأصلحوا سفنها (?). وقبيل عبور المرابطين إلى الأندلس لنجدتها تنازل المعتمد بن عباد عن ميناء الجزيرة الخضراء إلى يوسف بن تاشفين، وبذلك تحكم المرابطون في مضيق جبل طارق (?). وبعد خلع أمراء الطوائف، أصبحت الأندلس ولاية مرابطية، فأفاد المرابطون من إمكانياتها المادية والبشرية والاستراتيجية في تقوية أسطولهم البحري سواء فيما يتعلق بوجود الموانئ والربط ودور الصناعة والمواد الأولية اللازمة لصناعة السفن، أو توظيف قدرات الأسر

طور بواسطة نورين ميديا © 2015