212 هـ، بدأت الأساطيل البيزنطية تهاجم القوات الإسلامية فيها، ففي عام 214 هـ وجه الأمير عبد الرحمن الأوسط (206 - 238 هـ)، حملة بحرية خرجت من ميناء طرطوشة إلى صقلية لتعزيز الحامية الإسلامية فيها (?).
وفي عام 221 هـ خرج أسطول أندلسي من ثغر طركونة والجزائر الشرقية، وهاجم مرسيلية وما حولها وأثخن فيها، فكانت هذه الحملة مقدمة لحملات أخرى متعاقبة أفلحت في إقامة مراكز عربية في جنوب فرنسا وشمالي إيطاليا (?). ويبدو لنا أن الجزائر الشرقية (البليار) عقدت عهداً مع حكومة الإمارة، على الأقل فيما يتعلق بشؤون البحر، ودليلنا على ذلك أن الأمير عبد الرحمن الأوسط سير أسطولاً من ثلثمائة مركب عام 234 هـ إلى أهل الجزائر الشرقية لنقضهم العهد، وإضرارهم بمن يمر بهم من مراكب المسلمين (?). ويبدو أنها كانت حملة تأديبية وليست فتحاً منظماً بدليل قدوم رسالة من أهل الجزائر إلى الأمير في عام 235 هـ يستعطفون فيها الأمير ويطلبون السماح، فاستجاب لهم (?).
مع كل هذا، فإن البحرية الأندلسية كانت لا تزال محدودة في إمكانياتها ووسائلها، فلم تكن لديها القواعد والمحارس والسفن الكافية لحماية جميع سواحلها ولا سيما الغربية منها، ولهذا عجزت عن حمايتها عندما هاجمتها أساطيل النورمان عام 229 هـ وعاثت فساداً في السواحل الغربية، وفي مدينة إشبيلية (?). ولما كان الأسطول الأندلسي مرابطاً على الساحل الشرقي، فقد اعتمدت حكومة الإمارة في صد خطر النورمان على جيوشها البرية، واستعانت بقوات من الثغر الأعلى المدربة على حرب العصابات (?).
وكان لهذا الهجوم النورماني أثر كبير على الأندلس، حيث أدى إلى الاهتمام بالسواحل الغربية للأندلس وبناء التحصينات فيها، حيث بني سور إشبيلية (?)، كما