غرناطة عمد رؤساء الجند إلى إنشاء فرق صغيرة لها تنظيمها الخاص وهي شبه مستقلة عن الجيش النظامي، تباغت معسكرات العدو وتلحق به الدمار (?). وفي أواخر العهد النصري أيضاً ظهر سلاح البارود في مملكة غرناطة، وعند الإسبان، فكانت المدن تختزن منه كميات كبيرة، كما دخلت المدفعية ميادين الحرب في مجال الدفاع عن المدن (?).
التعبئة العسكرية في الأندلس:
فتح المسلمون الأندلس (92 - 95 هـ) وأفادوا من وديان أنهارها الممتدة على هيئة خطوط مستعرضة بين الشرق والغرب، وجعلوا منها خطوطاً دفاعية لحماية دولتهم من أخطار الدول الإسبانية. فاتخذوا من وادي نهر الأبرو خطاً دفاعياً أول وسموه بالثغر الأعلى، كما اتخذوا من وادي نهر التاجة خطاً دفاعياً ثانياً وسموه بالثغر الأوسط والأدنى (?). وقد كان الثغر الأعلى أسبق الثغور الأندلسية في الظهور، وبخاصة بعد انتهاء موسى بن نصير وطارق بن زياد من إتمام فتح الشمال الإسباني، فظهر الثغر الأعلى مجاوراً لأرض العدو وهي بلاد فرنسا، وامتد هذا الثغر في عصر الولاة (95 - 138 هـ) إلى مدينة أربونة التي تعتبر أقصى ثغر بالأندلس (?). أما الثغران الأوسط والأدنى فقد ظهر بعد قيام الممالك الإسبانية من الركن الشمال الغربي من إسبانيا وبداية توسعها على حساب أراضي الأندلس وبخاصة عند بداية عصر الإمارة. وبذلك بدأ الصراع المستمر بين المسلمين والإسبان ولهذا اعتبرت الأندلس في نظر المسلمين ثغراً للدولة الإسلامية وأرضاً للجهاد والمرابطة، ولقد فرض هذا الوضع عليها أن تجند أبناءها منذ الصغر ليكونوا على أهبة الاستعداد (?). ولما لم يكن في الأندلس بادئ الأمر جيش نظامي قائم بذاته فقد كانت القبائل العربية والبربرية التي سكنت الأندلس تمد الدولة بالجيوش اللازمة للجهاد. وقد استمر هذا النظام العسكري إلى أيام الأمير الحكم (180 - 206 هـ)، فقد رأى هذا الأمير أن يؤسس فرقاً من الجيش النظامي وبخاصة بعد فشل حركة الربض عام 202 هـ التي قام بها الفقهاء، والتي كادت تطيح بعرشه، فكون