ثم قام عصر الطوائف، وتحولت فيه الأندلس إلى دويلات متنازعة. فهناك دويلات الأندلسيين، ومن أشهرها بنو عباد في إشبيلية وبنو جهور في قرطبة وبنو هود في سرقسطة، وبنو صمادح في المرية والعامريون في بلنسية والمرية، ودويلات الصقالبة، إمارة مجاهد العامري في دانية، وإمارة خيران وزهير في المرية ومرسية ونبيل في طرطوشة، وهناك دويلات البربر، وهم بنو زيري في غرناطة، وبنو برزال في قرمونة، وبنو يفرن في رندة وبنو الأفطس في بطليوس، وبنو ذي النون في طليطلة (?).

امتازت هذه الدويلات بأن كل مجموعة منها اعتمدت على عناصر عسكرية من بني جلدتها. ومن ثم دخلت في حروب داخلية، لأن كل أمير يريد أن يوسع ملكه ويمد سلطانه على حساب جيرانه من أمراء الطوائف سواء بالقوة أو بالحيل السياسية. وهناك ظاهرة أخرى نراها في هذا العصر هي استعانة أكثر أمراء الطوائف بالممالك الإسبانية التي كانت ترسل لهم فرق المرتزقة لكي تعين بعضهم على البعض الآخر، ليس من أجل تحقيق هدف سامي، بل من أجل العمل على تمزيق وحدة الصف العربي في بلد الأندلس وقد نجحوا (?). وكلنا يعرف الخدمات التي كان يقدمها الكمبيادور الفارس القشتالي لبلاط سرقسطة حتى استأسد على بعض ملوك الطوائف وسيطر على بلنسية وعاث فيها فساداً وما جاورها من الممالك (?). وتوجت الأحداث هذا العصر بسقوط طليطلة عام 478 هـ بأيدي قوات الفونسو السادس ملك قشتالة الإسباني، واتخذها عاصمة لدولته، حينها أدرك أمراء الطوائف خطر التوسع الإسباني، فاستنجدوا بالإخوة المرابطين فكانت معركة الزلاقة عام 479 هـ، حيث بدأ دور الجهاد المشترك بين دولة المرابطين وملوك الطوائف ضد الممالك الإسبانية (479 - 483 هـ) حيث قامت معركتان مهمتان هما معركة الزلاقة عام 479 هـ ومعركة حصن الييط عام 481 هـ (?).

ثم أصبحت الأندلس ولاية مرابطية بعد عزل أمراء الطوائف من قبل أمير المسلمين يوسف بن تاشفين المرابطي. وقد اعتمدت الدولة المرابطية على الجيش في تأسيس كيانها أولاً، وفي الجهاد المشترك مع أمراء الطوائف ضد الممالك الإسبانية ثانياً، وفي خلع ملوك الطوائف والإنفراد في مجاهدة الإسبان ثالثاً. ولما كان الجهاد أساس وجود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015