وإذا كان الأمير هشام 172 - 180 هـ قد اهتم بالجيش، وهيأه لمعارك الجهاد، إلا أنه في الوقت نفسه رتب في ديوان الجند أرزاقاً لأسر الشهداء، كما افتدى أسرى المسلمين ولم يبق في عهده منهم أحد في قبضة العدو (?). ولكن نرى الأمير الحكم (180 - 206 هـ) يستكثر الموالي والحشم في الجيش، وأنشأ الحرس الخاص، وفي عهده أكثر من جلب الصقالبة، وكان هؤلاء الصقالبة على الأغلب من الرقيق والخصيان الذين يؤتى بهم من بلاد الفرنج وحوض نهر الدانوب وغيرها، وكان يؤتى بهم أطفالاً من الجنسين ويربون تربية إسلامية، ثم يدربون على أعمال الفروسية والإدارة، وتولوا مناصب مهمة، وبلغ عددهم في عهد الحكم زهاء خمسة آلاف (?). وكان للحكم فرقة من الحرس الخاصة معظمهم من فيء أربونة ورثهم عن والده هشام، وقد أبلوا في الدفاع عنه يوم الربض أحسن البلاء. وكانت للحكم ألفا فرس من الجياد الصافنات مرتبطة على شاطئ النهر تجاه القصر، ويشرف عليها جماعة من العرفاء الجيدين (?).

ومعنى هذا أن الأمير الحكم أسس فرقاً من الجيش النظامي وخاصة بعد فشل ثورة الربض عام 202 هـ التي قام بها الفقهاء ضده، والتي كادت تطيح بعرشه، فكوّن لنفسه فرقة من الحرس الخاص عرفوا باسم الصقالبة، وسموا أيضاً الخرس لعجمة ألسنتهم (?). واستمر أمراء الأندلس من إكثار الموالي والصقالبة وجعلهم حرساً خاصاً لهم، فقد اصطفى الأمير عبد الرحمن الأوسط مثلاً خمسة آلاف مملوك، ثلاثة آلاف فارس يرابطون إزاء باب القصر فوق الرصيف، وألفا رجل على أبواب القصر المختلفة (?). واهتم الأمير محمد بتقوية الجيش وذلك نتيجة الظروف الصعبة التي مرت بها الأندلس في عهده، وتلقي الأرقام عن عدد الفرسان الذين يحشدون في مختلف الكور والمدن لغزوات الصوائف، ضوءاً على مدى قوة الجيش الأندلسي في عهده، فكورة غرناطة (2900)، وجيان (2200)، وقبره (1800)، وباغه (900)، موتاكرنا (269) والجزيرة (290) وأستجة (1200)، وقرمونة (185)، وشذونة (6790)، ورية (2607)، وشريش (342) وفحص البلوط (400)، ومورور (1403)، وتدمير (200)، أما قرطبة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015