ومن مدينة المرية خرجت حملة إسبانية أخرى تجاه البشرات، فأوقعت هذه الحملات الخسائر الكثيرة بالموريسكيين وأخذت الكثير منهم كرهائن. وفي عام 1502 م كانت الثورات قد أُخمدت عموماً في جميع أراضي البشرات وما جاورها، واضطهد الإسبان الموريسكيين اضطهاداً لا نظير له، فنسفوا مساجدهم، وقتلوا نساءهم وأطفالهم وتعرضوا لحرب إبادة مكشوفة، لأن الموريسكيين في نظر الإسبان مجرد عبيد ورقيق.

وأخيراً وضع الموريسكيون المغلوبون على أمرهم أمام أحد الخيارين: إما التنصير القسري، أو التهجير خارج إسبانيا، وانسحب هذا الأمر إلى مدجني قشتالة وليون (?).

ونتج عن هذه الأحداث، تحويل مسجد غرناطة إلى كنيسة، وكذلك حول مسجد البيازين إلى كنيسة ومدرسة سميت (كنيسة المخلص). وفي مدينة غرناطة نُصِّر قسراً أكثر من خمسين ألف شخص، كما أجبر مسلمو الأندلس على لبس السراويل والقبعات، وأجبروا على ترك لغتهم وتقاليدهم وأسمائهم العربية، وحملوا على اعتناق المسيحية، واستعمال اللغة والتقاليد والأسماء الإسبانية (?).

وعلى الرغم من كل وسائل العنف والإرهاب التي استعملتها السلطات ومحاكم التفتيش في تنصير الموريسكيين، إلا أنهم استمروا في ممارسة شعائر دينهم بصورة سرية فكانوا يؤدون فروض الصلاة سراً في بيوتهم، وكانوا يغلقون بيوتهم يوم الأحد موهمين السلطات بأنهم ذهبوا إلى الكنيسة، وعندما يتم تعميد أطفالهم في الكنائس يبادرون إلى غسلهم بعد رجوعهم إلى بيوتهم مباشرة، وكانوا يعقدون حفلات الزواج على الطريقة الإسلامية سراً بعد إجراء الاحتفال العلني في الكنيسة. ولهذا أصبحت تعاليم الإسلام وممارساته تقاليد موروثة، يتوارثها الأبناء عن الآباء جيلاً بعد جيل في حلقات مغلقة، لها صفة المجالس السرية. وقد تعرض بعض هذه الأسر إلى الاضطهاد والإبادة بسبب زلة لسان من صبي يعيش حالة الإزدواجية (?).

وبعد فشل ثورات الموريسكيين في داخل إسبانيا، أرسلوا استغاثتهم إلى إخوانهم المسلمين لعلهم يساندونهم في محنتهم، ومن هذه الصرخات:

1 - بعثوا باستغاثتهم إلى عدوة المغرب، لأن المغرب أقرب البلاد الإسلامية لهم، إلا أن الحالة السياسية المفككة للمغرب في هذه الفترة منعته عن إرسال النجدات إلى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015