وخرج أهل لوشة وبعض سكان غرناطة وأهل مرشانة وسكنوا بين مضارب قبيلة غمارة، ونزل أهل برجة وأندرش ما بين طنجة وتطوان، ونزل أهل مدينة شريش ويليش مدينة سلا، وخرج ما بقي من أهل غرناطة ونزلوا بجاية ووهران وسوسة وسفاقس وقابس، وخرج أهل القلعة إلى مدينة أغادير، وهناك آخرون من سكان الأندلس استقروا في الإسكندرية وغيرها من مدن المشرق (?).

صدرت الأوامر بتعميم مضمون معاهدة التسليم على الأمراء والوزراء والقادة والرهبان والرعية، وأُصدر مرسومٌ يهدد كل من يجرؤ على المساس بما تضمنته هذه المعاهدة. وقد ذيل هذا التوكيد بتوقيع الملكين وتوقيع نجلهما الأمير، وحشد كبير من الأمراء وأشراف الدولة وأحبارها. وأدى الملك فرديناند والملكة إيزابيلا وسائر من حرروا الشروط القسم بدينهم وأعراضهم، أن يصونوا المعاهدة إلى الأبد، وعلى الصورة التي انتهت إليها.

من خلال شروط المعاهدة يتبين لنا بأنها كفلت للمسلمين حريتهم ولغتهم وشعائرهم الدينية وعاداتهم وتقاليدهم، باستثناء حمل الأسلحة.

ولكن الذي يبدو أن الملكين الإسبانيين لم يكونا صادقين فعلاً. حيث بدأ تعصبهم ونقضهم للمواثيق منذ دخولهم غرناطة 2/كانون الثاني 1492 م، إذ صدرت الأوامر بإحراق كميات كبيرة من الكتب العربية، لكي يسهل على الإسبان إبعاد المسلمين عن مصادر عقيدتهم ومن ثم القضاء عليهم بسرعة (?).

ومن أول الخطوات التي رسمتها الملكة إيزابيلا المتعصبة من أجل تنفيذ سياسة التنصير القسري للمسلمين، أنها اعتمدت على مجموعة من الأحبار والرهبان، ومنحتهم مناصب في البلاط الملكي، فكان من أخطرهم (الأب خمنيس) مطران طليطلة.

وإذا كانت الممالك الإسبانية قد اضطهدت المدجنين (المسلمون الذين ظلوا على دينهم) خلال استردادها القواعد الأندلسية قبل سقوط غرناطة، إلا أنه بعد السقوط أصبح الأمر أكثر خطورة فحرموا من حمل السلاح، وفرضت عليهم الضرائب القادمة خلال 1495 - 1499 م دون غيرهم من السكان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015