وإزاء هذه الانتصارات المتلاحقة التي أحرزها ألفونسو المحارب، ازداد نشاطه العسكري في السيطرة على المعاقل المنيعة في منطقة الثغر الأعلى، ففي عام 514 هـ/ 1120 م انتصر على القوات المرابطية في معركة قتندة، في حيز دروقة من عمل سرقسطة، واستشهد من المسلمين الآلاف ومن بينهم العديد من الفقهاء والعلماء (?). كما قام ملك أرغون ألفونسو المحارب بحملته المدمرة عام 519 - 520 هـ والتي اخترق بها بلد الأندلس من أقصاه إلى أقصاه متحدياً المسلمين فيها ومتعاوناً مع بعض معاهدي الإسبان الذين سهلوا له هذه المهمة، وكانت هذه الحملة، حملة تَحد كشفت عن ضعف الدفاع في الأندلس، وأن خطط المرابطين منذ نكبة سرقسطة وقتندة لم تكن كفيلة بصد عدوان الإسبان، كما كشفت عن مبلغ خطر المعاهدين الإسبان الذين نعموا بالسلام والأمن في ظل الحكم العربي بالأندلس (?).

ومن المعارك الأخرى المهمة التي انتصر فيها ألفونسو المحارب على القوات المرابطية هي معركة القلاعة عام 323 هـ/1129 م الواقفة في شرقي الأندلس، وفتحت الأبواب أمام شدة الهجمات الإسبانية على مدينة بلنسية وما جاورها من الحصون (?).

بعد أن تجاوز ألفونسو المحارب خلافاته مع ملك قشتالة (السليطين) عام 524 هـ/ 1130 م، جهز قواته صوب ما تبقى من قواعد الثغر الأعلى، وكان هدفه الاستيلاء على لاردة وافراغة ومكناسة، ثم الاستيلاء على ثغر طرطوشة. فهاجم مدينة مكناسة عام 527 هـ/1133 م وسلمت أمورها للملك الإسباني، ثم زحف نحو مدينة إفراغه فتصدت له القوات المرابطية، ودارت تحت أسوار هذه المدينة معركة من أعنف المعارك في هذه الفترة انتصر بها المرابطون لأول مرة، ضد ملك أرغون في رمضان من عام 528 هـ/17 تموز 1134 م، وبعد هذه المعركة مات ألفونسو المحارب بأيام. وقد كان لنصر المرابطين في إفراغة صدى عميق في سائر أنحاء الأندلس، حيث أعادت للمرابطين سمعتهم العسكرية، ولو أنهم لم يستغلوا هذا النصر ويزحفوا إلى سرقسطة من أجل إرجاعها إلى دولة الإسلام (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015