زيري، وحبوس بن ماكسن وغيرهما من زعماء البربر، إلا أن هؤلاء لم يأمنوا جانب السلطة، وبدأوا يتوجسون من المهدي وأنصاره خيفة احتاطوا لها استعداداً لكل طارئ.
وكان من أعمال المهدي أيضاً إجلاء أعداد كبيرة من الفتيان الصقالبة عن العاصمة قرطبة، فلجأوا إلى مناطق الأندلس الشرقية، واستثنى منهم الفتى واضح صاحب مدينة سالم الذي أقره المهدي على ولايته.
كما أصابت إجراءاته الخليفة هشام المؤيد، الذي سجن في القصر أولاً ثم نقل إلى أحد دور العاصمة، ثم اصطنع بعد ذلك قصة موته في اليوم السابع والعشرين من شعبان سنة 399 هـ.
وتمادى المهدي في سياسته العنيفة كثيراً عندما سجن ولي عهده سليمان بن هشام وبعض الزعماء العرب، وسرح من الجيش ما يقارب السبعمائة ألف جندي أحالهم جميعاً من مناصبهم وقطع أرزاقهم، فأصبحوا عنصراً من عناصر التوتر والشغب (?).
وأمام هذه الأحوال السيئة، والاضطهاد العنيف الذي أصاب البربر في قرطبة، قام هشام بن سليمان بن الناصر بانقلابه في شوال سنة 399هـ، وأعلن نفسه خليفة على البلاد ولقب بالرشيد، وعلى الرغم من النجاح الذي أحرزه إلا أن انقلابه أحبط أمام تعضيد القرطبيين للمهدي، واستماتتهم في الدفاع عن خلافته، وقبض على هشام بن سليمان وولده وأخيه أبي بكر وآخرين من الزعماء الذين عاضدوهم وتم إعدامهم جميعاً (?).
وعمت العاصمة قرطبة حالة من أعمال الشغب المدمرة استهدفت جميع البربر الساكنين فيها دون تمييز، حتى ذهبت ضحية ذلك الشغب أعداد كبيرة منهم. وقد دفعت هذه الأعمال البربر إلى توحيد قواهم، واختيار أحد الأمراء الأمويين لقيادتهم ليناهضوا به المهدي خليفة قرطبة. فوقع الاختيار على سليمان بن الحكم المستعين (?)، الذي اتخذ من قلعة رباح قاعدة له، ثم خرج منها إلى وادي الحجارة فتمت السيطرة عليها عنوة (?)، وحاصر مدينة سالم مدة ثم تركها، وحاول واضح الصقلبي منع