ويتمتع بحق تعيين وعزل الأساقفة عن مناصبهم الدينية، ويحكم مستبداً، يتصرف في أمور البلاد كما يشاء. وكان للملك مجلس من النبلاء لمساعدته في الحكم، لكن الملوك استبدوا بالأمور ولم يعد لهذا المجلس من أثر في السلطة، فكان الملوك يصدرون القوانين وينفذونها ويقضون في الأمور كما يريدون (?).
وكانت مجالس كنيسة طليطلة هي القوة الكبرى في الحياة السياسية والدينية في العهد القوطي. وهذه المجالس كانت بمثابة جمعيات وطنية لمملكة القوط الغربيين تجتمع بين الحين والحين للنظر في مسائل الدولة الكبرى. وكان أصل مجلس طليطلة دينياً يتألف من كبار رجال الدين الكاثوليك ويعقد للنظر في أمور كنيستهم ورعاياها.
ولكن بعد اعتناق القوط للكاثوليكية، أصبح هذا المجلس رسمياً يعقد بأمر من الملك، ويحضره كبار رجال الدولة، ثم تحول مع الزمن إلى مجلس سياسي وديني في آن واحد يصدر القوانين والأحكام في مختلف القضايا، ثم اتسع سلطانه، وأصبح محكمة عليا، وانضم مجلس النبلاء إلى هذا المجلس الديني، فأصبح مجلساً أعلى للدولة (?). ومن الناحية النظرية كانت مجالس طليطلة قيداً على سلطة الملك، أما من الناحية العملية فقد كانت سنداً مهماً لسلطته وبخاصة بعد تحول القوط إلى الكاثوليكية عام 587 م، حيث أصبحت الكنيسة في إسبانيا على علاقة وثيقة بالبلاط. وفي القرن السابع الميلادي، لم يكن بإمكان أي مجلس أن ينعقد إلا إذا أمر الملك بذلك. وكان الأساقفة عادة يناقشون ويقرون القرارات التي تتضمنها المسودة التي يقدمها الملك، ولم يهملوا في أية قضية تعليماته، ولم ينتقدوه بصورة مباشرة، بل كانوا ينفذون كل مطاليبه (?).
الأحوال الاجتماعية في عهد القوط:
وفيما يخص التنظيم الاجتماعي، فقد حافظ القوط على نفس التركيب الذي وجدوه قائماً في إسبانيا أيام الرومان. وهكذا استمرت مساوئ العهد الروماني بالبقاء، وتركزت الثروة والممتلكات بيد مجموعة قليلة من الناس، وكان هناك عدم مساواة كبيرة في البنية الطبقية. فالمجتمع القوطي كان يتألف من ثلاث طبقات؛ وهم طبقة كبار ملاك