حمير، مع أنه لم يرد في النصوص القتبانية ولا الحميرية ما يشير إلى صلة نسب بين الطرفين. ويعلل الدكتور جواد علي ذلك باندماج قتبان -بعد ضعفها وفقدان استقلالها- في مملكة سبأ، ثم فيما أطلق عليه اسم "مملكة سبأ وذو ريدان" "أي الدولة الحميرية" ذلك أن معظم القبائل التي خضعت لهذه الدولة -بعد أن علا شأنها- قد نسبت إليها وفي جملتها قتبان.
أما من حيث الملوك الذين حكموها فلم يستطع العلماء وضع قائمة كاملة بأسمائهم ولا يزال ثمة ثغرات فيها، إنما استنتجوا من النصوص أن حكامها كانوا في أول فترة من حكمهم يحملون لقب "مكرب" التي تترجم بكلمة "مقرب" في لغتنا، وهي تعبر عن التقرب إلى الآلهة، فهي لقب مقدس، ويفيد القيام بوظائف الكهانة، أي: إن الحاكم هو في الوقت نفسه كاهن وشفيع للناس عند الآلهة، مثل هذا اللقب كمثل "مزود" عند المعينيين. لكن الأمر تطور بعدئذ إذ أضافوا إلى ألقابهم "ملك"، وفي فترة تالية نزعوا عن أنفسهم لقب "مكرب" واكتفوا بلقب "ملك"1.
كانت لهجة الكتابات القتبانية أقرب إلى اللهجة المعينية منها إلى اللهجة السبئية، لكن أغلب النصوص التي نملكها عنهم قد كتبت في أغراض شخصية لا تفيد المؤرخ كثيرًا، إنما تتضمن بعض الكتابات نصوصًا رسمية تتعلق بفرض الضرائب وبالتجارة، أو تحتوي على قوانين من جملتها كتابة هي عبارة عن قانون من القوانين الجزائية، ذكر بأنه صدر "باسم الملك" وورد بعد اسمه كلمة "مشود"، وهي تعني المجلس الذي يجتمع فيه رؤساء المملكة والمشايخ والأعيان؛ للبت في الأمور وتقنين القوانين وإدارة الحروب وتنفيذ الأعمال، فهو مجلس الملك ومجلس المدينة، وكان مركزه في العاصمة "تمنع" وهي مدينة كحلان الحالية. ويظهر أنه كان ثمة مجالس شبيهة به في كل مدينة من المدن القتبانية للبتِّ في الأمور المشابهة.
والجدير بالذكر أن القانون المذكور قد حدد عقوبة القتل "القاتل يعاقب بالقتل، أو بعقوبات أخرى بحسب الأوامر التي يصدرها الملك بمقتضى هذا القانون" كما حدد