أن تعاطف الأرحام كان أدعى إلى التآلف والتعاضد والتضافر والتناصر على الخصوم1، والنسب هو الضامن والكفيل للحصول على حقوق المواطنة في المجتمع القبلي، وهو يقوم مقام القومية والجنسية عندهم2. وكثيرًا ما كانوا سندًا في المنافرة والمفاخرة مع خصومهم.
ولذلك فإن جماعات من القوم، عرفوا باسم النسابين، قد تخصصوا في معرفة الأنساب وتقصي جذورها، وأصول القبائل وفروعها، وعلاقات بعضها ببعض على مر الزمن. الأمر الذي جعل حفظ الأنساب من المعارف ذات الشأن قبل الإسلام. ولم يكن شأنها أقل في الإسلام، بدليل أن اشتراك العرب في الفتوح الإسلامية الكبرى، زمن الراشدين، كان يتم على أساس الوحدات القبلية، حتى إذا قام العهد الأموي، وبلغ الصراع القبلي بين المضرية واليمنية حدًّا خطيرًا، أصبحت العصبية القبلية هي الأساس الذي كان القوم يتقربون به إلى الحكام؛ فازدادت أهمية حفظ الأنساب، وأصبح النسب علمًا قائمًا بذاته، شأنه كشأن بقية العلوم العربية، وألفت في الأنساب مُصنَّفَات خاصة.