وقد تفرقت بطون قضاعة في نجد والبحرين ومشارف الشام. كما جاء الضجاعمة، وينتسبون إلى سليح التي تتفرع من قضاعة، فنزلوا البلقاء جنوبي سورية، حتى إذا قدم الغساسنة إلى المنطقة التي كانوا يقيمون فيها، اغتصبوا منهم الزعامة والإشراف على القبائل المقيمة في جنوبي الشام، بعد حرب جرت بين الطرفين. ومن قضاعة قبيلة بلي التي سكنت سيناء، وكلب التي استوطنت بادية الشام، وجهينة وعذرة، وقد نزلوا وادي أضم بالحجاز، وقد عرف العذريون برقة عواطفهم وطهارة عشقهم1، وقد ضرب المثل به فقيل: "الحب العذري" كناية عن تفاني العاشق في حبه مع حرصه على العفة، إذ يصف الشعراء القدامى العاشق العذري بأنه يذوب وجدًا دون أن يفكر في لمس حبيبته2.
كما هاجرت الأزد من كهلان بن سبأ إلى الشمال، فسكن قسم منهم في معان، والقسم الآخر في تهامة على ماء اسمه "غسان" ومنه انتقلوا إلى جنوبي سورية، حيث كونوا دولتهم "دولة الغساسنة". وكذلك هاجرت إلى الشمال قبيلة طيء من عريب بن كهلان بن سبأ، وبنو مرة وفروعهم التي سكنت شمالي الحجاز. غير أن طيء تحولت بعدئذ إلى الشرق، وجاورت بني أسد، وانتزعت منهم جبل شمر، وسكنته قبل الإسلام بقرون.
ونزحت أيضا قبائل من الأزد إلى جهات البحرين، حيث كانت تقيم قبائل عديدة مختلفة المنشأ، منها العدنانية ومنها القحطانية فتآزرت وتضافرت واتحدت في حلف جمع شملها تحت اسم "تنوخ" ونزحت إلى أطراف الحيرة حيث أقامت دولة المناذرة. ومن الأزد الجنوبيين الأوس والخزرج، وقد انفصلتا عن كتلة الأزد الرئيسية، واتجهتا نحو الحجاز، وأقامتا في يثرب. ومنهم أيضا قبيلة خزاعة التي تسلطت على مكة قبل قصي وقريش.
ومن كهلان بن سبأ: همدان ومذحج، وأغلبهم ظل يسكن اليمن، وإلى مذحج ينتسب بنو الحارث الذين سكنوا الجنوب الشرقي للطائف، وبجيلة التي كان لها أثر كبير