طويلًا جدًّا "عاش مائتين وخمسين سنة، أوقع فيها مائتي وقعة، وقيل: عاش أربعمائة وخمسين سنة". إن هذا القول، وإن يكن أقرب إلى الخرافة ولا يمكن تصديقه، إلا أن ما يمكن أن نستنتجه منه، ومن ذكر اتصاله بأبرهة الحبشي -إذا صحت روايته عن هذا الاتصال- أن ولاية زهير لقبائل الشمال ربما تكون قد حدثت في عهدين؛ في عهد حمير، ثم في عهد أبرهة، بعد أن قضى الأحباش على ملكها، وأن ذلك ربما يكون قد حدث في الربع الأول من القرن السادس الميلادي حتى بعد منتصفه.

وتتمة رواية ابن الأثير أنه قد صدف في إحدى السنين أن أصاب القوم قحط، فأمحلت الأرض وتأخروا عن الدفع، فجاءهم زهير يلح عليهم بدفع الإتاوة. ولما شكوا إليه ضيق ذات يدهم، لم يعرهم أذنا صاغية، بل منعهم من النجعة والمرعى حتى يؤدوا ما عليهم، فصبروا على مضض، حتى إذا رأوا مواشيهم تكاد أن تهلك، لم يروا بدًّا من شق عصا الطاعة. فأنفذوا إلى زهير رجلا يدعى "زَيَّابة" من بني تيم اللات لاغتياله, فجاء "زيابة" إليه وهو نائم، وغرز سيفه في بطنه، وظن أنه بذلك قد قضى عليه1. غير أن الضربة جاءت غير مميتة، إذ تظاهر زهير بالموت كي لا يجهز عليه زيابة بضربة أخرى، فنجا من الموت2.

ونقل زهير إلى قومه، ولما شفي جمع الجموع من أهل اليمن3، وسار إلى بكر وتغلب، وقاتلهم قتالًا شديدًا انهزمت فيه بكر وتغلب، وأُسر كليب ومهلهل ابنا ربيعة، وأخذت الأموال، وكثرت القتلى في بني تغلب، كما أسر جماعة من فرسانهم ووجوههم.

صعب الأمر على قبائل ربيعة، فتجمهرت وولت عليها ربيعة والد كليب ومهلهل,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015