غير أنه لا بد للقبيلة، ممثلةً بمجلس زعمائها، أن ترضى غالبًا بابن رئيسها الراحل، زعيمًا وشيخًا للقبيلة. يقول ابن خلدون: إنه من النادر أن تستمر رئاسة القبيلة في أكثر من أربعة آباء في العقب الواحد. ويعلل ذلك بأن الفضائل التي يتحلى بها الرئيس الأول، والتي تخوله السيادة والسيطرة، لا تلبث أن تنحل رويدا رويدا كلما تولى واحد من أعقابه المتتالين، إلى أن تضمحل تلك الفضائل في السيد الرابع، فتحتقر القبيلة شأنه، وتستبدل به سواه من تلك القبيلة1. غير أن ما يذكره ابن خلدون لا يمكن أن يعتبر قاعدة، فقد يأتي من أبناء وأحفاد الرئيس من هم أقدر وأجدر بالحكم من أبيهم أو جدهم.
وقد تمتد سلطة الرئيس إلى قبائل أخرى يجمعها تحت لوائه بالحلف أو الجوار؛ فتزداد قوته ويتسع نفوذه، وقد يكون العكس فتنقسم قبيلته بعد موته، فيتولى كل ولد من أولاده بطنًا من بطونها.
وللأحلاف التي انعقدت بين مختلف القبائل العربية قبل الإسلام أهميتها، من حيث كونها بداية تجمع، قد استُغل مرارًا لتشكيل عدد من الدول "دولة الحيرة، دولة كندة" ذلك أن القبائل العربية قد شعرت بضرر العزلة وخطورتها، وأدركت ألا سبيل إلى أن تحافظ قبيلة ما على كيانها إن بقيت في عزلة عن غيرها، بل هي بحاجة إلى التضافر والتناصر مع القبائل التي تمتُّ إليها بصلة النسب أو الجوار أو المصلحة المشتركة.