قامت دولة كندة في أواسط شبه الجزيرة العربية، وشملت معظم بلاد نجد مما يلي الحجاز شرقًا، وامتدت في الشمال والشرق الشمالي إلى مشارف الشام والعراق. وكان لها بعض النفوذ على قبائل منطقة عمان في الجنوب، وقد امتد حكمها في فترة من الزمن إلى الحيرة. واستمرت الدولة ما ينوف عن قرن من الزمان، وكان ظهورها بعد منتصف القرن الخامس الميلادي تحقيقًا أو قبل ذلك القرن تخمينًا.
لم يعر المؤرخون الكلاسيكيون كبير اهتمام لتأريخ حوادث دولة كندة، ومعلوماتنا عنها مستمدة على الأغلب من الأخباريين العرب الذين تضاربت أخبارهم في التأريخ لها. وإذا صرفنا النظر عن التفاصيل التي اختلف فيها المؤرخون، فيمكن تلخيص ما اتفق معظمهم عليه في الخطوط التالية:
ينتمي آل كندة الذين حكموها إلى قبيلة يمنية قحطانية يرجع نسبها إلى ثور بن عفير، الذي كان يلقب باسم "كندة" وينتهي في كهلان بن سبأ. سكنت هذه القبيلة قبيل قدومها إلى أراضي نجد هضاب اليمن، فيما يلي حضرموت إلى الشرق، وكانت حاضرتها "دَمُّون" التي ذكرها شاعرها امرؤ القيس في بعض أشعاره مثل قوله:
كأني لم ألهو بدمون مرة ... ولم أشهد الغارات يومًا بعندل
أو مثل قوله:
تطاول الليل علينا دمّون ... دمّون إنا معشر يمانون
وإننا لأهلنا محبون