وتنتهي جبال السراة في الجهة الغربية، وعلى البحر الأحمر، بسهل تهامة الساحلي الطولاني الذي يمتد من خليج العقبة حتى باب المندب. وهو ضيق يختلف عرضه من مكان إلى آخر اختلافًا بينًا، ولا يتجاوز أقصى عرض له خمسين كيلومترًا, ويطلق عليه اسم "الغور" أيضًا1 لانخفاض أراضيه لا سيما وأنه ناتج عن فعل الانهدام. وقد اشتق العرب اسمه من "التهم" أي: الحر؛ لشدة حره وركود رياحه. على أن انخفاض الحاجز الجبلي في إقليم الحجاز قد أدى إلى سهولة الانتقال بين هذا السهل وبين الداخل، يضاف إلى ذلك أن وقوع هذا الإقليم في أضيق عرض لشبه الجزيرة قد جعل الطريق المار منه نحو الشرق أقصر طريق بين البحر الأحمر والخليج العربي.
في هذا الإقليم تقع "مكة" المكرمة، وهي تمتد في وادٍ ملأته الرواسب بفعل التعرية المائية. وفيه أيضًا "المدينة المنورة" التي تميزت بكونها واحة خصبة وافرة الماء، واشتهرت منذ القديم بزراعة النخل، فورد ذكرها في شعر عروة بن الورد باسم "منبت النخيل" وقد نافست في صدر الإسلام "مكة" التي كان لها شأن كبير في العهد الجاهلي. ويشاهد في جنوبها الشرقي "وادي العقيق" الشهير بينابيعه وكثرة نخيله2. كما تقع فيه مدينة "الطائف" الشهيرة بهوائها العليل "لارتفاعها" ووفرة مياهها وكثرة نباتها وأشجارها وبساتينها الوارفة الظلال، الأمر الذي جعل منها مصيفًا لأهل مكة ولغيرهم من عرب شبه الجزيرة؛ ولذا أطلق عليها قديما اسم "جنة مكة". وإلى الجنوب من إقليم الحجاز يمتد إقليم العسير - وجباله وعرة كثيرة الانكسارات والفوالق والوديان التي عمقت السيول مجاريها فجعلت المنطقة محززة صعبة المسالك.